محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{فَعَقَرُواْ ٱلنَّاقَةَ وَعَتَوۡاْ عَنۡ أَمۡرِ رَبِّهِمۡ وَقَالُواْ يَٰصَٰلِحُ ٱئۡتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (77)

/ [ 77 ] { فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين ( 77 ) } .

{ فعقروا الناقة } أي نحروها . والعقر : الجرح ، وأثر كالحز في قوائم الفرس والإبل . يقال : عقره بالسيف يعقره بالكسر ، وعقره تعقيرا ، قطع قوائمه بالسيف وهو قائم .

قال الأزهري : العقر عند العرب كشف عرقوب البعير ، ثم يجعل النحر عقرا ، لأن ناحر الإبل يعقرها : ثم ينحرها .

وفي ( اللسان ) : عَقَر الناقة وعقَّرها ، إذ فعل بها ذلك حتى تسقط ، فينحرها مستمكنا منها ، أي : لئلا تشرد عند النحر .

وفي الحديث : {[4095]} " لا عقر في الإسلام " .

قال ابن الأثير : كانوا يعقرون الإبل على قبور الموتى ، أي ينحرونها ويقولون إن صاحب القبر كان يعقر للأضياف أيام حياته ، فنكافئه بمثل صنيعه بعد وفاته . كذا في ( تاج العروس ) - .

وأسند العقر إلى جميعهم ، لأنه كان برضاهم ، وإن لم يباشره إلا بعضهم . ويقال للقبيلة الضخمة : أنتم فعلتم كذا وما فعله إلا واحد منهم . كذا في ( الكشاف ) .

قال أبو السعود : وفيه من تهويل الأمر وتفظيعه ، بحيث أصابت غائلته الكل ، ما لا يخفى . { وعتوا عن أمر ربهم } أي استكبروا عن امتثاله وهو عبادته وحده أو الحذر من مس الناقة بسوء . وزادوا في الاستهزاء : { وقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا } أي : من العذاب على عقر الناقة . والأمر للاستعجال لأنهم يعتقدون أنه لا يتأتى ذلك ، ولذا قالوا : { إن كنت من المرسلين } أي فإن الله ينصر رسله على أعدائه .


[4095]:- أخرجه أبو داود في: 20- كتاب الجنائز، 70- باب كراهية الذبح عند القبر، حديث رقم 3222.