تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان  
{أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡكَفَرَةُ ٱلۡفَجَرَةُ} (42)

وهؤلاء هم الذين تمرّدوا على الله ورسوله { أولئك هُمُ الكفرة الفجرة } فمصيرهم إلى جهنم .

ختام السورة:

إن من طلبَ الحق لوجه الحق وعَمِل به بإيمان وإخلاص فهو الذي يضحك ويستبشر يوم القيامة ،

ومن اتبع هواه وشغل نفسه بتبرير الأهواء ، واحتقر عقله ، ورضي جهلَه ، وشغل نفسه بالجَدَل والمِراء والتماس الحِيَل لتقرير الباطل وترويج الفاسد ( كما كان يفعلُ أعداء الأنبياء ، ولا يزال يأتيه السفهاء لينصروا به إصرار الأغبياء ) ثم يُتْبع ذلك بأعمالٍ تطابق ما يهوى وتخالف ما يقول . . فهو إلى جهنّم . وأن المرء لَيجد الواحد من هذه الفئة يزعم الغيرة على الدين ولا تجدُ عملاً من أعماله ينطبق على ما قرره الدين .

فالدِّين ينهى عن المعاصي وهو يقترفها ، والدين يأمر بصيانة مصالح العامة وهو يفتِكُ بها ويبذّرها لمصلحته الخاصة . والدين يطالب أهله ببذلِ المال في سبيل الخير ، وهو يسلب المالَ ليكنزه ، فإن أنفق منه شيئا صرفه في سبيل الشر . والدينُ يأمر بالعدل وهو أظلمُ الظالمين ، والدين يأمر بالصِدق وهو يكذب ويحبّ الكاذبين .

فمن كان هذا شأنه فماذا يكون حاله يوم يتجلى الجبار ، ويرتفع الستار ! إنه سوف يجد كل شيء على خلاف ما كان يعرفه ، يجد الحقَّ غير ما كان يعتقد ، والباطلَ هو ما كان يعمل . عندئذٍ يتحقق أن ما كان يظنه من العمل خيراً لنفسه صار وبالاً عليها .

فهذا النوع من الناس سوف تخيب آمالهم يوم القيامة ، ويحاسَبون حسابا عسيرا ، ويصدق فيهم قوله تعالى : { وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ ، تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ ، أولئك هُمُ الكفرة الفجرة } ، أعاذنا الله من هول ذلك اليوم ، وهدانا برحمته إلى العمل الصالح .