قوله تعالى : " وإذا الوحوش حشرت " أي جمعت . والحشر : الجمع . عن الحسن وقتادة وغيرهما . وقال ابن عباس : حشرها : موتها . رواه عنه عكرمة . وحشر كل شيء : الموت غير الجن والإنس ، فإنهما يوافيان يوم القيامة . وعن ابن عباس أيضا قال : يحشر كل شيء حتى الذباب . قال ابن عباس : تحشر الوحوش غدا : أي تجمع حتى يقتص لبعضها من بعض ، فيقتص للجماء من القرناء ، ثم يقال لها كوني ترابا فتموت . وهذا أصح مما رواه عنه عكرمة ، وقد بيناه في كتاب " التذكرة " مستوفى ، ومضى في سورة " الأنعام " {[15820]} بعضه . أي إن الوحوش إذا كانت هذه حالها فكيف ببني آدم . وقيل : عني بهذا أنها مع نفرتها اليوم من الناس وتنددها في الصحاري ، تنضم غدا إلى الناس من أهوال ذلك اليوم . قال معناه أبي بن كعب .
{ وإذا الوحوش حشرت } أي : جمعت وفي صفة حشرها ثلاثة أقوال :
أحدها : أنها تحشر أي : تبعث يوم القيامة ليقتص لبعضها من بعض ثم تكون ترابا .
والآخر : أنها تحشر بموتها دفعة واحدة عند هول القيامة قاله ابن عباس وقال : إنها لا تبعث وأنه لا يحضر القيامة إلا الإنس والجن .
والثالث : أنها تجمع في أول أهوال القيامة وتفر في الأرض فذلك حشرها .
ولما{[71836]} ذكر المقرعات الدالات على إرادة أمر عظيم ، قرب ذلك الأمر بإفهام أنه الحشر ، ودل على عمومه بذكر ما يظن إهماله فقال : { وإذا الوحوش } أي دواب البر التي لا تأنس بأحد التي يظن أنه لا عبرة بها ولا التفات إليها فما ظنك بغيرها { حشرت } أي بعثت وجمعت من كل أوب قهراً لإرادة العرض على الملك الأعظم والفصل فيما بينها في أنفسها{[71837]} حتى يقتص للجماء من القرناء وبينها{[71838]} وبين غيرها{[71839]} أيضاً حتى يسأل العصفور قاتله ، لم قتله ؟ قال قتادة{[71840]} : يحشر كل شيء للقصاص حتى الذباب - انتهى . ولا يستوحش الوحش-{[71841]} من الناس ولا الناس من الوحوش من شدة الأهوال ، وذلك أهول وأفزع وأخوف وأفظع ، قال القشيري : ولا يبعد أن يكون ذلك بإيصال منافع إليها جوازاً لا وجوباً كما قاله أهل البدع - انتهى . وكل شيء في الدنيا يحضر في تلك الدار ، فإذا وقع الفصل جعل الخبيث في جهنم زيادة في عذاب أهلها ، والطيب في الجنة زيادة في نعيم أهلها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.