في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱلَّذِي يُؤۡتِي مَالَهُۥ يَتَزَكَّىٰ} (18)

ثم يبين من هو الأتقى : ( الذي يؤتي ماله يتزكى ) . . الذي ينفق ماله ليتطهر بإنفاقه ، لا ليرائي به ويستعلي . ينفقه تطوعا لا ردا لجميل أحد ، ولا طلبا لشكران أحد ، وإنما ابتغاء وجه ربه خالصا . . ربه الأعلى . .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{ٱلَّذِي يُؤۡتِي مَالَهُۥ يَتَزَكَّىٰ} (18)

{ الذى يُؤْتِي مَالَهُ } أي يعطيه ويصرفه { يتزكى } طالباً أن يكون عند الله تعالى زاكياً نامياً لا يريد به رياء ولا سمعة أو متطهراً من الذنوب فالجملة نصب على الحال من ضمير يؤتي وجوز أن تكون بدلاً من الصلة فلا محل لها من الإعراب وجوز أيضاً أن يكون الفعل وحده بدلاً من الفعل السابق وحده واعترض كلا الوجهين بأن البدل من قسم التابع المعرف بكل ثان أعرب بإعراب سابقه ولا إعراب للصلة حتى يثبت لها نابع فيه وسبب الإعراب وهو الرفع في الفعل متوفر مع قطع النظر عن التبعية وهو على المشهور تجرده عن الناصب والجازم فليس معرباً بإعراب سابقه لظهور ذلك في كون إعرابه للتبعية وهو هنا ليس لها بل للتجرد وأجيب مع الإغماض عما في ذلك التعريف مما نبه على بعضه الرضى أما عن الأول فبان المراد أعرب بإعراب سابقه إن كان له إعراب أو بأن المراد أعرب بإعراب سابقه وجوداً وعدما وقيل إطلاق التابع على ذلك ونحوه من الحرف والفعل الغير المعرب مجاز من حيث انه مشابه للتابع لموافقته لسابقه فيما له وأما عن الثاني فبان الشيء قد يقصد لشيء وإن كان متحققاً قبل ذلك الشيء لأمر آخر كألف التثنية وواو الجمع فإنه يؤتي بهما للدلالة على التثنية والجمع فيتحققان ويأتي عامل الرفع على المثنى والمجموع وهما فيهما قبله فيقصدان له وقال السيد عيسى المراد بقولهم كل ثان أعرب الخ كل ثان أعرب لو لم يكن معرباً فتدبر ولا تغفل وجوز أن يكون يتزكى بتقدير لأن يتزكى متعلقاً بيؤتي علة له ثم حذفت اللام وحذفها من أن وأن شائع ثم حذفت أن فارتفع الفعل أو بقي منصوباً كما في قول طرفة :

ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغي ***

فقد روي برفع أحضر وبنصبه وقيل إنه بتقدير لأن أو عن أن أحضر فصنع فيه نحو ما سمعت وأيَّاً ما كان يدل الكلام على أن المراد بأيتائه صرفه في وجوه البر والخير وقرأ الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم يزكي بإدغام التاء في الزاي .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِي يُؤۡتِي مَالَهُۥ يَتَزَكَّىٰ} (18)

{ الذي يؤتي ماله } يعطي ماله ، { يتزكى } يطلب أن يكون عند الله زاكياً لا رياء ولا سمعة ، يعني أبا بكر الصديق ، في قول الجميع . قال ابن الزبير : كان أبو بكر يبتاع الضعفة فيعتقهم ، فقال أبوه : أي بني لو كنت تبتاع من يمنع ظهرك ؟ قال : منع ظهري أريد ، فنزل { وسيجنبها الأتقى } إلى آخر السورة . وذكر محمد بن إسحاق قال : كان بلال لبعض بني جمع وهو بلال بن رباح واسم أمه حمامة ، وكان صادق الإسلام طاهر القلب ، وكان أمية بن خلف يخرجه إذا حميت الظهيرة فيطرحه على ظهره ببطحاء مكة ، ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره ، ثم يقول له : لا تزال هكذا حتى تموت ، أو تكفر بمحمد ، فيقول وهو في ذلك البلاء : أحد أحد . قال محمد بن إسحاق ، عن هشام بن عروة عن أبيه قال : مر به أبو بكر يوماً وهم يصنعون به ذلك ، وكانت دار أبي بكر في بني جمح ، فقال لأمية ألا تتقي الله تعالى في هذا المسكين ؟ قال : أنت أفسدته فأنقذه مما ترى ، قال أبو بكر : أفعل ! عندي غلام أسود أجلد منه وأقوى ، على دينك ، أعطيكه ؟ قال : قد فعلت فأعطاه أبو بكر غلامه وأخذه فأعتقه ، ثم أعتق معه على الإسلام قبل أن يهاجر ست رقاب ، بلال سابعهم وهم : عامر بن فهيرة شهد بدراً وأحداً ، وقتل يوم بئر معونة شهيداً ، وأم عميس ، وزهرة فأصيب بصرها وأعتقها ، فقالت قريش : ما أذهب بصرها إلا اللات والعزى فقالت : كذبوا وبيت الله ما تضر اللات والعزى ، وما تنفعان فرد الله إليها بصرها ، وأعتق النهدية وابنتها ، وكانتا لامرأة من بني عبد الدار فمر بهما وقد بعثتهما سيدتهما تحطبان لها وهي تقول والله لا أعتقكما أبداً . فقال أبو بكر : كلا يا أم فلان ، فقالت : كلا ، أنت أفسدتهما فأعتقهما ، قال : فبكم ؟ قالت : بكذا وكذا ، قال : قد أخذتهما وهما حرتان ، ومر بجارية بني المؤمل وهي تعذب فابتاعها فأعتقها .