في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ثُمَّ قُتِلَ كَيۡفَ قَدَّرَ} (20)

11

ثم يرسم تلك الصورة المبدعة المثيرة للسخرية والرجل يكد ذهنه ! ويعصر أعصابه ! ويقبض جبينه ! وتكلح ملامحه وقسماته . . كل ذلك ليجد عيبا يعيب به هذا القرآن ، وليجد قولا يقوله فيه :

( إنه فكر وقدر . فقتل ! كيف قدر ? ثم قتل ! كيف قدر ? ثم نظر . ثم عبس وبسر . ثم أدبر واستكبر . فقال : إن هذا إلا سحر يؤثر . إن هذا إلا قول البشر ) . .

لمحة لمحة . وخطرة خطرة . وحركة حركة . يرسمها التعبير ، كما لو كانت ريشة تصور ، لا كلمات تعبر ، بل كما لو كانت فيلما متحركا يلتقط المشهد لمحة لمحة ! ! !

لقطة وهو يفكر ويدبر ومعها دعوة هي قضاء( فقتل ! )واستنكار كله استهزاء ( كيف قدر ? )ثم تكرار الدعوة والاستنكار لزيادة الإيحاء بالتكرار .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{ثُمَّ قُتِلَ كَيۡفَ قَدَّرَ} (20)

{ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ } تكرير للمبالغة كما هو معتاد من أعجب غاية الإعجاب والعطف بثم للدلالة على تفاوت الرتبة وان الثانية أبلغ من الأولى فكأنه قيل قتل بنوع ما من القتل لا بل قتل بأشده وأشده ولذا ساغ العطف فيه مع أنه تأكيد ونحوه ما في قوله :

ومالي من ذنب إليهم علمته *** سوى أنني قد قلت يا سرحة اسلمي

ألا يا اسلمي ثم اسلمي ثمت اسلمي *** ثلاث تحيات وان لم تكلمي

والإطراء في الاعجاب بتقديره يدل على غاية التهكم به وبمن فرح بمحصول تفكيره وقال الراغب في غرة التنزيل كان الوليد بن المغيرة لما سئل عن النبي صلى الله عليه وسلم قدر ما أتى به من القرآن فقال إن قلنا شاعر كذبتنا العرب إذا عرضت ما أتى به على الشعر وكان يقصد بهذا التقدير تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم بضرب من الاحتيال فلذلك كان كل تقدير مستحقاً لعقوبة من الله تعالى هي كالقتل اهلاكاً له فالأول لتقديره على الشعر أي أهلك اهلاك المقتول كيف قدر وقوله تعالى ثم قتل كيف قدر لتقديره الآخر فإنه قدر أيضاً وقال فإن ادعينا ان ما أتى به من كلام الكهنة كذبتنا العرب إذا رأوا هذا الكلام مخالفاً لكلام الكهان فهو في تقديره له على كلام الكهنة مستحق من العقوبة لما هو كالقتل اهلاكاً له فجاء ذلك لهذا فلم يكن في الإعادة تكرار والأول هو ما ذهب إليه جار الله وجعل الدعاء اعتراضاً وقال عليه الطيبي أنه ليس من الاعتراض المتعارف الذي ينحل لتزيين الكلام وتقريره لأن الفاء مانعة من ذلك بل هو من كلام الغير ووقع الفاء في تضاعيف كلامه فادخل بين الكلامين المتصلين على سبيل الحكاية ثم قال وهو متعسف وإنما سلكه لأنه جعل الدعاءين من كلام الغير وأما إذا جعلا من كلام الله تعالى استهزاء كما ذكر هو أو دعاء عليه كما ذهب إليه الراغب وعليه تفسير الواحدي على ما قال ونقل عن صاحب النظم { فقتل كيف } [ المدثر : 19 ] أي عذب ولعن كيف قدر كما يقال لأضربنه كيف صنع أي على أي حال كانت منه لتكون الأفعال كلها متناسقة مرتبة على التفاوت في التعقيب والتراخي زمانا ورتبة كما يقتضيه المقام كان أحسن وجاء النظم على السنن المألوف من التنزيل إلى آخر ما قال وما تقدم أبعد مغزى والاعتراض من المتعارف وهو يؤكد ما سيق له الكلام أحسن تأكيد والفار غير مانعة على ما نص عليه جار الله وغيره وجعل من الاعتراض المقرون بها فاسألوا أهل الذكر ومنه قوله :

واعلم فعلم المرء ينفعه *** أن سوف يأتي كل ما قدرا

وقد حقق أنه بالحقيقة نتيجة وقعت بين أجزاء الكلام اهتماماً بشأنها فأفادت فائدة الاعتراض وعدت منه والاعتراض بين قوله تعالى { إنه فكر وقدر } [ المدثر : 18 ] .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ثُمَّ قُتِلَ كَيۡفَ قَدَّرَ} (20)

{ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ } لأنه قدر أمرا ليس في طوره ، وتسور على ما لا يناله هو و [ لا ] أمثاله .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{ثُمَّ قُتِلَ كَيۡفَ قَدَّرَ} (20)

قوله : { ثم قتل كيف قدر } كرر للمبالغة والتأكيد { ثم نظر } أي نظر بأي شيء يدفع القرآن ويطعن فيه . وذلك بعد أن استيقنت نفسه أنه حق وأنه لا يضاهى .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{ثُمَّ قُتِلَ كَيۡفَ قَدَّرَ} (20)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

يعني ثم لعن كيف قدر.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

ثم لعن كيف قدّر النازل فيه.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

لعنه مرتين، وقد ظهر أثر اللعن فيه في الدنيا والآخرة جميعا، لأن الله تعالى فضحه بما أظهر كذبه للخلائق، فبقي ذلك العار إلى آخر الأبد، وأبعده من رحمته حين أخذ ماله في الانتقاص، وانقطعت مادة ماله، فهذا أثر اللعنة في الدنيا، ووعده أن {سأصليه سقر} [الآية 26] وأن {سأرهقه صعودا} [الآية 17] وذلك خزيه ولعنه في الآخرة، فظهرت إحدى اللعنتين في الدنيا، وستلحقه الثانية في الآخرة.

معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي 516 هـ :

كرره للتأكيد، وقيل: معناه لعن على أي حال قدر من الكلام، كما يقال لأضربنه كيف صنع أي على أي حال صنع.

البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي 745 هـ :

وجاء التكرار بثم ليدل على أن الثانية أبلغ من الأولى للتراخي الذي بينهما، كأنه دعي عليه أولاً ورجى أن يقلع عن ما كان يرومه فلم يفعل، فدعي عليه ثانياً.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما كان وقوعه في هذا الطعن عظيماً جداً لما فيه من الكذب المفضوح ومن معاندة من هو القوي المتين المنتقم القهار العظيم- ومن غير ذلك من الوجوه المبعدة عن الوقوع فيه، أكد المعنى زجراً عن مثله وحثاً على التوبة منه، فقال معبراً بأداة البعد دلالة على عظمة هذا القتل بالتعبير بها وبالتكرار: {ثم قتل} أي هلك ولعن هذا العنيد هلاكاً ولعناً هو في غاية العظمة فيما بعد الموت في البرزخ والقيامة" كيف قدر".

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 18]

ثم يرسم تلك الصورة المبدعة المثيرة للسخرية والرجل يكد ذهنه! ويعصر أعصابه! ويقبض جبينه! وتكلح ملامحه وقسماته.. كل ذلك ليجد عيبا يعيب به هذا القرآن، وليجد قولا يقوله فيه:

(إنه فكر وقدر. فقتل! كيف قدر؟ ثم قتل! كيف قدر؟ ثم نظر. ثم عبس وبسر. ثم أدبر واستكبر. فقال: إن هذا إلا سحر يؤثر. إن هذا إلا قول البشر).

لمحة لمحة. وخطرة خطرة. وحركة حركة. يرسمها التعبير، كما لو كانت ريشة تصور، لا كلمات تعبر، بل كما لو كانت فيلما متحركا يلتقط المشهد لمحة لمحة!

لقطة وهو يفكر ويدبر ومعها دعوة هي قضاء (فقتل!) واستنكار كله استهزاء (كيف قدر؟) ثم تكرار الدعوة والاستنكار لزيادة الإيحاء بالتكرار.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وقولُه: {ثم قُتل كيف قدّر} تأكيد. والعطف ب {ثم} يفيد أن جملتها أرقى رتبة من التي قبلها فِي الغرض المسوق له الكلام، فإذا كان المعطوف بها عين المعطوف عليه أفادت أن معنى المعطوف عليه ذُو درجات متفاوتة مع أن التأكيد يكسب الكلام قوة، وهذا كقوله: {كَلاَّ سيعلمون ثم كلا سيعلمون} [النبأ: 4، 5].

و {كَيف قدّر} في الموضعين متحد المعنى وهو اسم استفهام دال على الحالة التي يبينها متعلِّق {كيف}.