الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{ثُمَّ قُتِلَ كَيۡفَ قَدَّرَ} (20)

{ قتل كيف قدّر } تهكما بهم وبإعجابهم بتقديره ، واستعظامهم لقوله . ومعنى قول القائل : قتله الله ما أشجعه . وأخزاه الله ما أشعره : الإشعار بأنه قد بلغ المبلغ الذي هو حقيق بأن يحسد ويدعو عليه حاسده بذلك . روي : أنّ الوليد قال لبني مخزوم : والله لقد سمعت من محمد آنفاً كلاماً ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن ، إنّ له لحلاوة ، وإنّ عليه لطلاوة ، وإن أعلاه لمثمر ، وإن أسفله لمغدق ، وإنه يعلو وما يعلى ؛ فقالت قريش : صبأ والله الوليد ، والله لتصبأن قريش كلهم ؛ فقال أبو جهل : أنا اكفيكموه ، فقعد إليه حزيناً وكلمه بما أحماه فقام فأتاهم فقال : تزعمون أن محمداً مجنون ، فهل رأيتموه يخنق ؛ وتقولون إنه كاهن ، فهل رأيتموه قط يتكهن ؛ وتزعمون أنه شاعر ، فهل رأيتموه يتعاطى شعراً قط ؛ وتزعمون أنه كذاب ، فهل جربتم عليه شيئاً من الكذب ، فقالوا في كل ذلك : اللهم لا ، ثم قالوا : فما هو ؟ ففكر فقال : ما هو إلا ساحر . أما رأيتموه يفرّق بين الرجل وأهله وولده ومواليه ، وما الذي يقوله إلا سحر يأثره عن مسيلمة وعن أهل بابل ، فارتج النادي فرحاً ، وتفرّقوا معجبين بقوله متعجبين منه .