في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَا هُوَ بِقَوۡلِ شَيۡطَٰنٖ رَّجِيمٖ} (25)

فهذه صفة الرسول الذي حمل القول وأداه ، فأما الرسول الذي حمله إليكم فهو( صاحبكم ) . . عرفتموه حق المعرفة عمرا طويلا . فما لكم حين جاءكم بالحق تقولون فيه ما تقولون . وتذهبون في أمره المذاهب ، وهو( صاحبكم )الذي لا تجهلون . وهو الأمين على الغيب الذي يحدثكم عنه عن يقين :

( وما صاحبكم بمجنون . ولقد رآه بالأفق المبين . وما هو على الغيب بضنين . وما هو بقول شيطان رجيم . فأين تذهبون ? إن هو إلا ذكر للعالمين ) . .

ولقد قالوا عن النبي الكريم الذي يعرفونه حق المعرفة ، ويعرفون رجاحة عقله ، وصدقه وأمانته وتثبته ، قالوا عنه : إنه مجنون .

وإن شيطانا يتنزل عليه بما يقول . قال بعضهم هذا كيدا له ولدعوته كما وردت بذلك الأخبار . وقاله بعضهم عجبا ودهشة من هذا القول الذي لا يقوله البشر فيما يألفون ويعهدون . وتمشيا مع ظنهم أن لكل شاعر شيطانا يأتيه بالقول الفريد . وأن لكل كاهن شيطانا يأتيه بالغيب البعيد . وأن الشيطان يمس بعض الناس فينطق على لسانهم بالقول الغريب ! وتركوا التعليل الوحيد الصادق ، وهو أنه وحي وتنزيل من رب العالمين .

فجاء القرآن يحدثهم في هذا المقطع من السورة عن جمال الكون البديع ، وحيوية مشاهده الجميلة . ليوحي إلى قلوبهم بأن القرآن صادر عن تلك القدرة المبدعة ، التي أنشأت ذلك الجمال . على غير مثال . وليحدثهم بصفة الرسول الذي حمله ، والرسول الذي بلغه . وهو صاحبهم الذي عرفوه . غير مجنون . والذي رأى الرسول الكريم - جبريل - حق الرؤية ، بالأفق المبين الواضح الذي تتم فيه الرؤية عن يقين . وأنه [ صلى الله عليه وسلم ] لمؤتمن على الغيب ، لا تظن به الظنون في خبره الذي يرويه عنه ، فما عرفوا عنه إلا الصدق واليقين . ( وما هو بقول شيطان رجيم )فالشياطين لا توحي بهذا النهج القويم .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَمَا هُوَ بِقَوۡلِ شَيۡطَٰنٖ رَّجِيمٖ} (25)

{ وما هو } يعني القرآن ، { بقول شيطان رجيم } قال الكلبي : يقول إن القرآن ليس بشعر ولا كهانة كما قالت قريش .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَمَا هُوَ بِقَوۡلِ شَيۡطَٰنٖ رَّجِيمٖ} (25)

{ وما هو بقول شيطان رجيم } الضمير للقرآن .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَمَا هُوَ بِقَوۡلِ شَيۡطَٰنٖ رَّجِيمٖ} (25)

ولما أثبت له الأمانة والجود بعد أن نفى عنه ما بهتوه به ، وكان الجنون أظهر من قول المجنون لأن بعض المجانين ربما تكلم الكلام المنتظم في بعض-{[71970]} الأوقات فنفاه لذلك ، وكان قول الكاهن أظهر من الكهانة ، نفى القول فقال : { وما هو } أي القرآن الذي من جملة معجزاته الإخبار بالمغيبات ، وأعرق في النفي بالتأكيد بالباء فقال : { بقول شيطان } . ولما كان الشيطان{[71971]} لا ينفك عن الطرد لأن اشتقاقه من شطن وشاط ، وذلك يقتضي البعد{[71972]} والاحتراق ، وصفه بما هو لازم له فقال : { رجيم * } أي مرجوم باللعن وغيره من الشهب لأجل استراق السمع مطرود عن ذلك ، لأن القائل له ليس بكاهن كما تعلمون ، وبقي مما قالوه السحر وهو لا يحتاج إلى نفيه لأنه ليس بقول ، بل هو فعل صرف أو قول مقترن به ، والأضغاث وهي لذلك واضحة العوار{[71973]} فلم يعدها ، فمن علم هذه الأوصاف للقرآن والرسولين الآتيين به الملكي والبشري أحبه وأحبهما ، وبالغ في التعظيم والإجلال ، وأقبل على تلاوته في كل أوقاته ، وبالغ في السعي في كل ما يأمر به والهرب مما ينهى{[71974]} عنه ، ليحصل له الاستقامة رغبة في مرافقة من أتى به ورؤية من أتى من عنده .


[71970]:زيد من م.
[71971]:من م، وفي الأصل و ظ: شيطان.
[71972]:زيد في الأصل و ظ: كله، ولم تكن الزيادة في م فحذفناها.
[71973]:في الأصل بياض ملأناه من ظ و م.
[71974]:من م، وفي الأصل و ظ: نهى.