اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَمَا هُوَ بِقَوۡلِ شَيۡطَٰنٖ رَّجِيمٖ} (25)

قوله تعالى : { وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ } ، أي : مَرْجُومٍ ، والضمير في «هو » للقرآن ، قالت قريش : إنَّ هذا القرآن يجيء به شيطان ، فيلقيه على لسانه ، فنفى الله ذلك ، يريدون بالشيطان : الأبيض الذي كان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم في صورة جبريل يريد أن يفتنه .

فصل في الكلام على الآية

قال ابنُ الخطيب{[59508]} : إن قيل : إنَّه حلف على أن القرآن قول جبريل - عليه السلام - فوجب علينا أن نصدقه ، فإن لم نقطع بوجوب حمل اللفظ على الظاهر ، فلا أقلَّ من الاحتمال ، وإن كان كذلك ثبت أن هذا القرآن يحتملُ أن يكون كلام جبريل لا كلام الله تعالى ، وبتقدير أن يكون كلام جبريل لا يكون معجزاً ، ولا يمكن أن يقال بأن جبريل معصوم ؛ لأنَّ عصمته متفرعة على صدق النبي صلى الله عليه وسلم وصدق النبي صلى الله عليه وسلم على كون القرآن معجزاً ، وكون القرآن معجزاً متفرع على عصمة جبريل ، فيلزم دور .

فالجواب : أنَّ الإعجاز ليس في الفصاحة ، بل في سلب تلك الدواعي عن القلوب ، وذلك مما لا يقدر عليه أحد إلاَّ الله تعالى ، لأن سلب القدرة عما هو مقدور لا يقدر عليه إلا الله تعالى .

ثم قال في قوله تعالى : { وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ } : فإن قيل{[59509]} : القول بصحة النبوة موقوف على نفي هذا الاحتمال فكيف يمكن نفيه بالدليل السمعي ؟ .

قلنا : قد بينَّا أنَّه على القول بالصرف لا يتوقف صحة النبوة على نفي هذا الاحتمال بالدليل السمعي .


[59508]:ينظر: الفخر الرازي 31/67.
[59509]:الفخر الرازي 31/68.