نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَمَا هُوَ بِقَوۡلِ شَيۡطَٰنٖ رَّجِيمٖ} (25)

ولما أثبت له الأمانة والجود بعد أن نفى عنه ما بهتوه به ، وكان الجنون أظهر من قول المجنون لأن بعض المجانين ربما تكلم الكلام المنتظم في بعض-{[71970]} الأوقات فنفاه لذلك ، وكان قول الكاهن أظهر من الكهانة ، نفى القول فقال : { وما هو } أي القرآن الذي من جملة معجزاته الإخبار بالمغيبات ، وأعرق في النفي بالتأكيد بالباء فقال : { بقول شيطان } . ولما كان الشيطان{[71971]} لا ينفك عن الطرد لأن اشتقاقه من شطن وشاط ، وذلك يقتضي البعد{[71972]} والاحتراق ، وصفه بما هو لازم له فقال : { رجيم * } أي مرجوم باللعن وغيره من الشهب لأجل استراق السمع مطرود عن ذلك ، لأن القائل له ليس بكاهن كما تعلمون ، وبقي مما قالوه السحر وهو لا يحتاج إلى نفيه لأنه ليس بقول ، بل هو فعل صرف أو قول مقترن به ، والأضغاث وهي لذلك واضحة العوار{[71973]} فلم يعدها ، فمن علم هذه الأوصاف للقرآن والرسولين الآتيين به الملكي والبشري أحبه وأحبهما ، وبالغ في التعظيم والإجلال ، وأقبل على تلاوته في كل أوقاته ، وبالغ في السعي في كل ما يأمر به والهرب مما ينهى{[71974]} عنه ، ليحصل له الاستقامة رغبة في مرافقة من أتى به ورؤية من أتى من عنده .


[71970]:زيد من م.
[71971]:من م، وفي الأصل و ظ: شيطان.
[71972]:زيد في الأصل و ظ: كله، ولم تكن الزيادة في م فحذفناها.
[71973]:في الأصل بياض ملأناه من ظ و م.
[71974]:من م، وفي الأصل و ظ: نهى.