في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَدَعَا رَبَّهُۥٓ أَنَّ هَـٰٓؤُلَآءِ قَوۡمٞ مُّجۡرِمُونَ} (22)

17

ويختصر السياق هنا حلقات كثيرة من القصة ، ليصل إلى قرب النهاية . حين وصلت التجربة إلى نهايتها ؛ وأحس موسى أن القوم لن يؤمنوا له ولن يستجيبوا لدعوته ؛ ولن يسالموه أو يعتزلوه . وبدا له إجرامهم أصيلاً عميقاً لا أمل في تخليهم عنه . عند ذلك لجأ إلى ربه وملاذه الأخير :

( فدعا ربه أن هؤلاء قوم مجرمون ) . .

وماذا يملك الرسول إلا أن يعود إلى ربه بالحصيلة التي جنتها يداه ? وإلا أن ينفض أمره بين يديه ، ويدع له التصرف بما يريد ?

وتلقى موسى الإجابة إقراراً من ربه لما دمغ به القوم . . حقاً إنهم مجرمون . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَدَعَا رَبَّهُۥٓ أَنَّ هَـٰٓؤُلَآءِ قَوۡمٞ مُّجۡرِمُونَ} (22)

فلما طال مقامه بين أظهرهم ، وأقام حجج الله عليهم ، كل ذلك وما زادهم ذلك إلا كفرًا وعنادًا ، دعا ربه عليهم دعوة نفذت فيهم ، كما قال تعالى : { وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأهُ زِينَةً وَأَمْوَالا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الألِيمَ قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا } [ يونس : 88 ، 89 ] . وهكذا قال هاهنا : { فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ }

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَدَعَا رَبَّهُۥٓ أَنَّ هَـٰٓؤُلَآءِ قَوۡمٞ مُّجۡرِمُونَ} (22)

{ فدعا ربه } بعدما كذبوه . { أن هؤلاء } بأن هؤلاء { قوم مجرمون } وهو تعريض بالدعاء عليهم بذكر ما استوجبوه به ولذلك سماه دعاء وقرئ بالكسر على إضمار القول .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَدَعَا رَبَّهُۥٓ أَنَّ هَـٰٓؤُلَآءِ قَوۡمٞ مُّجۡرِمُونَ} (22)

التعقيب المفاد بالفاء تعقيب على محذوف يقتضي هذا الدعاءَ إذ ليس في المذكور قبل الفاء ما يناسبه التعقيبُ بهذا الدعاء إذ المذكور قبله كلام من موسى إليهم ، فالتقدير : فَلَمْ يستجيبوا له فيما أمرهم ، أو فأصرّوا على أذاه وعدم متاركته فدعا ربه ، وهذا التقرير الثاني أليق بقوله : { أن هؤلاء قوم مجرمون } . وهذا كالتعقيب الذي في قوله تعالى : { فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق } [ الشعراء : 63 ] ، وقوله : { أن هؤلاء قوم مجرمون } اتفق القراء العشرة على قراءته بفتح الهمزة وشد النون فما بعدها في قوة المصدر ، فلذلك تقدر الباء التي يتعدّى بها فعل ( دَعا ) ، أي دعا ربه بما يجمعه هذا التركيبُ المستعمل في التعريض بأنهم استوجبوا تسليط العقاب الذي يَدعو به الداعي ، فالإخبار عن كونهم قوماً مجرمين مستعمل في طلب المجازاة على الإجرام أو في الشكاية من اعتدائهم ، أو في التخوف من شرهم إذا استمرّوا على عدم تسريح بني إسرائيل ، وكل ذلك يقتضي الدعاء لكف شرّهم ، فلذلك أطلق على هذا الخبر فعل { دعا } .