في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَئِنۡ أَطَعۡتُم بَشَرٗا مِّثۡلَكُمۡ إِنَّكُمۡ إِذٗا لَّخَٰسِرُونَ} (34)

23

فماذا كان الجواب ?

إنه الجواب ذاته على وجه التقريب :

وقال الملأ من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاء الآخرة ، وأترفناهم في الحياة الدنيا : ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه ، ويشرب مما تشربون . ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذن لخاسرون . .

فالاعتراض المكرور هو الاعتراض على بشرية الرسول . وهو الاعتراض الناشى ء من انقطاع الصلة بين قلوب هؤلاء الكبراء المترفين ، وبين النفخة العلوية التي تصل الإنسان بخالقه الكريم .

والترف يفسد الفطرة ، ويغلظ المشاعر ، ويسد المنافذ ، ويفقد القلوب تلك الحساسية المرهفة التي تتلقى وتتأثر وتستجيب . ومن هنا يحارب الإسلام الترف ؛ ويقيم نظمه الاجتماعية على أساس لا يسمح للمترفين بالوجود في الجماعة المسلمة ، لأنهم كالعفن يفسد ما حوله ، حتى لينخر فيه السوس ، ويسبح فيه الدود !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَئِنۡ أَطَعۡتُم بَشَرٗا مِّثۡلَكُمۡ إِنَّكُمۡ إِذٗا لَّخَٰسِرُونَ} (34)

يخبر تعالى أنه أنشأ بعد قوم نوح قرنًا آخرين{[20541]} - قيل : المراد بهم عاد ، فإنهم كانوا مستخلفين بعدهم . وقيل : المراد بهؤلاء ثمود ؛ لقوله : { فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ } - وأنه تعالى أرسل فيهم رسولا منهم ، فدعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له . فكذبوه وخالفوه ، وأبوا من اتباعه لكونه بشرًا مثلهم ، واستنكفوا عن اتباع رسول بشري ، فكذبوا بلقاء الله في القيامة ، وأنكروا المعاد الجثماني ، وقالوا { أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ .


[20541]:- في ف ، أ : "آخر".

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَلَئِنۡ أَطَعۡتُم بَشَرٗا مِّثۡلَكُمۡ إِنَّكُمۡ إِذٗا لَّخَٰسِرُونَ} (34)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون} يعني: لعجزة.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل الملأ من قوم صالح لقومهم:"وَلَئِنْ أطَعْمتُمْ بَشَرا مثْلَكُمْ" فاتبعتموه وقبلتم ما يقول وصدّقتموه.

"إنّكُمْ "أيها القوم "إذا لَخاسِرُونَ": يقول: قالوا: إنكم إذن لمغبونون حظوظكم من الشرف والرفعة في الدنيا باتباعكم إياه.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

لما أنهم منعوا الأتباع عن أن يتبعوا الرسول، ويطيعوه، لأنه بشر مثلهم، ثم طلبوا منهم الطاعة لهم والاتباع في أمورهم، وهم بشر أمثالهم، فذلك تناقض في القول وفساد.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

جعلوا اتباع الرسول خسرانا، لأنه بشر مثلهم، ولم يجعلوا عبادة الصنم خسرانا، لأنه جسم مثلهم، وهذا مناقضة ظاهرة.

الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 671 هـ :

يريد لمغبونون بترككم آلهتكم واتباعكم إياه من غير فضيلة له عليكم.

تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :

إن تبعتموه وجعلتموه لكم رئيسا، وهو مثلكم إنكم لمسلوبو العقل، نادمون على ما فعلتم. وهذا من العجب، فإن الخسارة والندامة حقيقة لمن لم يتابعه ولم ينقد له. والجهل والسفه العظيم لمن تكبر عن الانقياد لبشر، خصه الله بوحيه، وفضله برسالته، وابتلي بعبادة الشجر والحجر...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 33]

فالاعتراض المكرور هو الاعتراض على بشرية الرسول. وهو الاعتراض الناشى ء من انقطاع الصلة بين قلوب هؤلاء الكبراء المترفين، وبين النفخة العلوية التي تصل الإنسان بخالقه الكريم. والترف يفسد الفطرة، ويغلظ المشاعر، ويسد المنافذ، ويفقد القلوب تلك الحساسية المرهفة التي تتلقى وتتأثر وتستجيب. ومن هنا يحارب الإسلام الترف؛ ويقيم نظمه الاجتماعية على أساس لا يسمح للمترفين بالوجود في الجماعة المسلمة، لأنهم كالعفن يفسد ما حوله، حتى لينخر فيه السوس، ويسبح فيه الدود!...

زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :

ولقد قرروا خسرانهم إن أطاعوا بشرا مثلهم، فقال تعالى حاكيا عنهم: {وَلَئِنْ أَطَعْتُم بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَّخَاسِرُونَ}.

أكدوا من فرط حسدهم خسرانهم إن أطاعوا بشرا مثلهم، وأكدوه بلام القسم، وبالقسم، وبالتأكيد في الجواب ب "إن "وبلام التوكيد الواقعة في جواب (إن). وإنهم في زعمهم يخسرون مكانتهم في قومهم وشرفهم المزعوم في قبيلتهم، وسلطانهم في أقوامهم، ويصيرون تابعين لمثلهم، وهم المتبوعون في أقوامهم، وذلك كله غرور الترف، وفساد المقاييس، وسيطرة المادة.

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

خاسرون إن أطعتم بشرا مثلكم، لكنه بشر ليس مثلكم، إنه بشر يوحى إليه، فأنا لا أتبع فيه بشريته، إنما أتبع ما ينزل عليه من الوحي.

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

ويتابع هؤلاء عملية الإثارة السلبية في ما ينقله القرآن لنا من كلامهم... لأن فقدان الامتياز المادّي في شخصية الرسول يعني أنه لا يحمل معه أيَّ شيءٍ يمكن أن يكون ربحاً في الموقف الذي يدعوهم إليه، أو تعويضاً عن الخسارة التي قد تلحقهم في ما يمكن أن يحوّلهم عنه..