في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَهُمۡ عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِمۡ يُهۡرَعُونَ} (70)

69

( إنهم ألفوا آباءهم ضالين ، فهم على آثارهم يهرعون . ولقد ضل قبلهم أكثر الأولين . ولقد أرسلنا فيهم منذرين . فانظر كيف كان عاقبة المنذرين . إلا عباد الله المخلصين ) . .

إنهم عريقون في الضلالة ، وهم في الوقت ذاته مقلدون لا يفكرون ولا يتدبرون ؛ بل يطيرون معجلين يقفون خطى آبائهم الضالين غير ناظرين ولا متعقلين :

( إنهم ألفوا آباءهم ضالين ، فهم على آثارهم يهرعون ) . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَهُمۡ عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِمۡ يُهۡرَعُونَ} (70)

{ فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ } قال مجاهد : شبيهة بالهرولة . وقال سعيد بن جبير : يسفهون .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَهُمۡ عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِمۡ يُهۡرَعُونَ} (70)

وقوله : إنّهُمْ ألْفَوْا آباءَهُمْ ضَالينَ يقول : إن هؤلاء المشركين الذين إذا قيل لهم : قولوا لا إله إلا الله يستكبرون ، وجدوا آباءهم ضُلاّلاً عن قصد السبيل ، غير سالكين مَحَجّة الحقّ فَهُمْ على آثارِهِمْ يُهْرَعُونَ يقول : فهؤلاء يُسْرع بهم في طريقهم ، ليقتفوا آثارهم وسنتهم يقال منه : أُهْرِع فلان : إذا سار سيرا حثيثا فيه شبه بالرعدة . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس قوله : إنّهُمْ ألْفَوْا آباءَهُمْ ضَالّينَ : أي وجدوا آباءهم ضالّين .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : إنّهُمْ ألْفَوْا آباءَهُمْ : أي وجدوا آباءهم .

وبنحو الذي قلنا في يُهْرَعون أيضا ، قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : فَهُمْ على آثارِهِمْ يُهْرَعُونَ قال : كهيئة الهرْوَلة .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة فَهُمْ على آثارِهِمْ يُهْرَعُونَ : أي يُسرعون إسراعا في ذلك .

حدثنا محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : يُهْرَعُونَ قال : يُسْرِعون .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : يُهْرَعُونَ إلَيْهِ قال : يستعجلون إليه .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فَهُمۡ عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِمۡ يُهۡرَعُونَ} (70)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

يسعون في مثل أعمال آبائهم.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 69]

وقوله:"إنّهُمْ ألْفَوْا آباءَهُمْ ضَالينَ" يقول: إن هؤلاء المشركين الذين إذا قيل لهم: قولوا لا إله إلا الله يستكبرون، وجدوا آباءهم ضُلاّلاً عن قصد السبيل، غير سالكين مَحَجّة الحقّ، "فَهُمْ على آثارِهِمْ يُهْرَعُونَ "يقول: فهؤلاء يُسْرع بهم في طريقهم، ليقتفوا آثارهم وسنتهم، يقال منه: أُهْرِع فلان: إذا سار سيرا حثيثا فيه شبه بالرعدة... عن مجاهد، قوله: "فَهُمْ على آثارِهِمْ يُهْرَعُونَ" قال: كهيئة الهرْوَلة... قال ابن زيد، في قوله: "يُهْرَعُونَ إلَيْهِ" قال: يستعجلون إليه.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

الإهراع سير شديد... فيه شبه رعدة وكأنه أيضاً شبه سير الفازع.

الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي 875 هـ :

هذا تَكَسُّبُهُمْ للكفرِ وحِرْصُهم عليه.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{فهم} أي البعداء البغضاء {على آثارهم} أي التي لا تكاد تبين لأحد لخفاء مذاهبها لوهيها وشدة ضعفها وانطماس معالمها، لا على غيرها.

{يهرعون} أي كأنهم يلجئهم ملجئ إلى الإسراع، فهم في غاية المبادرة إلى ذلك من غير توقف على دليل ولا استضاءة بحجة بحيث يلحق صاحب هذا الإسراع من شدة تكالبه عليه شيء هو كالرعدة، وذلك ضد توقفهم وجمودهم فيما أتاهم به رسولنا صلى الله عليه وسلم من شجرة الزقوم وغيرها مما هو في غاية الوضوح والجلاء، فأمعنوا في التكذيب به والاستهزاء، وأصروا بعد قيام الدلائل، فكانوا كالجبال ثباتاً على ضلالهم، والحجارة الصلاب الثقال رسوخاً في لازب أوحالهم.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

الآثار: ما تتركه خُطَى الماشِين من مَوطئ الأقدام فيَعلم السائر بعدَهم أن مواقعها مسلوكة موصلة إلى معمور.

{يُهْرَعُونَ} تشبيه حال الكفرة بحال من يُزْجَى ويدفع إلى السير، وهو لا يعلم إلى أين يُسار به.

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

{فَهُمْ عَلَىٰ آثَارِهِمْ} يعني: يتبعون طريقهم ويُقلِّدونهم، ومعنى {يُهْرَعُونَ} أي: يُزعجون ويسرعون كأن شيئاً يحملهم على الإسراع؛ لأن هذا الفعل (يُهْرَعُونَ) مبني للمجهول. أى: لِمَا لم يُسَمَّ فاعله كما نقول: زُكم فلان، فالفاعل غير معروف.

ولو كان الإسراع في اتباع الآباء منهم لَقَال يَهرعون بالفتح، إنما يُهرعون كأن شيئاً يدفعهم إلى تقليد الآباء، ليبين لك سبحانه أن الشر أعدى، لأنه لا تكليفَ للنفس فيه ولا حجزَ للشهوة، لذلك يجري الإنسان إليه ويُسرع في طلبه.

أما الهدى والمنهج فلا يسرع إليه لأنه يُضيِّق عليه مجال الشهوات، ويُقيِّد حركته في إطار ما شرع الله، إذن: هم يُقلِّدون الآباء وهم يعرفون أنهم ضالون لينفلتوا من قَيْد التكاليف الشرعية.

لذلك لما أخذ الله تعالى علينا العهد ونحن في عالم الذر، قال سبحانه:

{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِيۤ ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ شَهِدْنَآ أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَـٰذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوۤاْ إِنَّمَآ أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} [الأعراف: 172-173].

وقد حكى القرآن اعترافهم باتباع الآباء في أكثر من موضع من كتاب الله، فقال سبحانه: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَآ أَنزَلَ اللَّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَآ أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَآءَنَآ} [البقرة: 170] ويردُّ عليهم: {أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ} [البقرة: 170].

فكأن الحق سبحانه يقول لهم: أنتم كاذبون في هذا الادعاء. ولو كانت القضية عامة، فلماذا لم تتبعوا أباكم آدم عليه السلام، وقد جاء بمنهج وسار عليه؟ فلو اتبعه القوم لقلَّدهم مَنْ بعدهم وهكذا، ولا ستمرَّ منهج الله، إنما حَكَمتكم الشهواتُ، وسيطرتْ عليكم الرغباتُ، فأخرجتكم عن منهج ربكم وخالفتم. ثم أليس منكم رجل عاقل يَعِي هذا الضلال، ويأنف أنْ يتبعه، ويبحث عن هدى؟.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

الملاحظ هنا أنّ لفظة (يهرعون) جاءت بصيغة المبني للمجهول، وهي من مادّة

(هرع) أي أسرع، وهي إشارة إلى أنّهم كانوا يقلّدون آباءهم قلباً وديناً، وإنّهم كانوا يحثّون الخطى على آثارهم إلى درجة كأنّهم يسارعون في ذلك من دون أي إرادة واختيار، وإشارة أخرى إلى تعصّبهم وتمسّكهم بالخرافات التي كان أجدادهم الضالّون يعتقدون بها.