في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡكَفَرَةُ ٱلۡفَجَرَةُ} (42)

( أولئك هم الكفرة الفجرة ) . . الذين لا يؤمنون بالله وبرسالاته ، والذين خرجوا عن حدوده وانتهكوا حرماته . .

وفي هذه الوجوه وتلك قد ارتسم مصير هؤلاء وهؤلاء . ارتسم ملامح وسمات من خلال الألفاظ والعبارات . وكأنما الوجوه شاخصة ، لقوة التعبير القرآني ودقة لمساته .

بذلك يتناسق المطلع والختام . . المطلع يقرر حقيقة الميزان . والختام يقرر نتيجة الميزان . وتستقل هذه السورة القصيرة بهذا الحشد من الحقائق الضخام ، والمشاهد والمناظر ، والإيقاعات والموحيات . وتفي كلها هذا الوفاء الجميل الدقيق . .

   
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡكَفَرَةُ ٱلۡفَجَرَةُ} (42)

وهؤلاء هم الذين تمرّدوا على الله ورسوله { أولئك هُمُ الكفرة الفجرة } فمصيرهم إلى جهنم .

ختام السورة:

إن من طلبَ الحق لوجه الحق وعَمِل به بإيمان وإخلاص فهو الذي يضحك ويستبشر يوم القيامة ،

ومن اتبع هواه وشغل نفسه بتبرير الأهواء ، واحتقر عقله ، ورضي جهلَه ، وشغل نفسه بالجَدَل والمِراء والتماس الحِيَل لتقرير الباطل وترويج الفاسد ( كما كان يفعلُ أعداء الأنبياء ، ولا يزال يأتيه السفهاء لينصروا به إصرار الأغبياء ) ثم يُتْبع ذلك بأعمالٍ تطابق ما يهوى وتخالف ما يقول . . فهو إلى جهنّم . وأن المرء لَيجد الواحد من هذه الفئة يزعم الغيرة على الدين ولا تجدُ عملاً من أعماله ينطبق على ما قرره الدين .

فالدِّين ينهى عن المعاصي وهو يقترفها ، والدين يأمر بصيانة مصالح العامة وهو يفتِكُ بها ويبذّرها لمصلحته الخاصة . والدين يطالب أهله ببذلِ المال في سبيل الخير ، وهو يسلب المالَ ليكنزه ، فإن أنفق منه شيئا صرفه في سبيل الشر . والدينُ يأمر بالعدل وهو أظلمُ الظالمين ، والدين يأمر بالصِدق وهو يكذب ويحبّ الكاذبين .

فمن كان هذا شأنه فماذا يكون حاله يوم يتجلى الجبار ، ويرتفع الستار ! إنه سوف يجد كل شيء على خلاف ما كان يعرفه ، يجد الحقَّ غير ما كان يعتقد ، والباطلَ هو ما كان يعمل . عندئذٍ يتحقق أن ما كان يظنه من العمل خيراً لنفسه صار وبالاً عليها .

فهذا النوع من الناس سوف تخيب آمالهم يوم القيامة ، ويحاسَبون حسابا عسيرا ، ويصدق فيهم قوله تعالى : { وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ ، تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ ، أولئك هُمُ الكفرة الفجرة } ، أعاذنا الله من هول ذلك اليوم ، وهدانا برحمته إلى العمل الصالح .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡكَفَرَةُ ٱلۡفَجَرَةُ} (42)

{ أُولَئِكَ } الذين بهذا الوصف { هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ } أي : الذين كفروا بنعمة الله وكذبوا بآيات الله ، وتجرأوا على محارمه .

نسأل الله العفو والعافية إنه جواد كريم [ والحمد لله رب العالمين ] .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡكَفَرَةُ ٱلۡفَجَرَةُ} (42)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

هؤلاء الذين هذه صفتهم يوم القيامة هم الكفرة بالله، كانوا في الدنيا الفجرة في دينهم، لا يبالون ما أتوا به من معاصي الله، وركبوا من محارمه، فجزاهم الله بسوء أعمالهم ما أخبر به عباده...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

أي الكفرة بأنعم الله تعالى، الفجرة المائلة عن الحقوق،...

أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي 685 هـ :

الذين جمعوا إلى الكفر الفجور فلذلك يجمع إلى سواد وجوههم الغبرة...

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

أي: الكفرة قلوبهم، الفجرة في أعمالهم، كما قال تعالى: {وَلا يَلِدُوا إِلا فَاجِرًا كَفَّارًا} [نوح: 27]...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{أولئك} أي البعداء البغضاء {هم} أي خاصة لا غيرهم {الكفرة} أي الذين ستروا دلائل إلإيمان {الفجرة} أي الذين خرجوا عن دائرة الشرع خروجاً فاحشاً حتى كانوا عريقين في ذلك الكفر والفجور...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وفي هذه الوجوه وتلك قد ارتسم مصير هؤلاء وهؤلاء. ارتسم ملامح وسمات من خلال الألفاظ والعبارات. وكأنما الوجوه شاخصة، لقوة التعبير القرآني ودقة لمساته. بذلك يتناسق المطلع والختام.. المطلع يقرر حقيقة الميزان. والختام يقرر نتيجة الميزان. وتستقل هذه السورة القصيرة بهذا الحشد من الحقائق الضخام، والمشاهد والمناظر، والإيقاعات والموحيات. وتفي كلها هذا الوفاء الجميل الدقيق...

.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وهذه وجوه أهل الكفر، يعلم ذلك من سياق هذا التنويع، وقد صرح بذلك بقوله: {أولئك هم الكفرة الفجرة} زيادة في تشهير حالهم الفظيع للسامعين. وجيء باسم الإشارة لزيادة الإِيضاح تشهيراً بالحالة التي سببت لهم ذلك. وضمير الفصل هنا لإفادة التقوي. وأتبع وصف {الكفرة} بوصف {الفجرة} مع أن وصف الكُفر أعظم من وصف الفجور لما في معنى الفجور من خساسة العمل فذُكر وصفاهم الدالان على مجموع فساد الاعتقاد وفساد العمل. وذكر وصف {الفجرة} بدون عاطف يفيد أنهم جمعوا بين الكفر والفجور...

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

فهذا هو الجزاء العادل لهم، فهل يفكّر أمثالهم الآن قبل فوات الأوان؟...

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

الكفرة»: جمع (كافر)، والوصف يشير إلى فاسدي العقيدة. «الفجرة»: جمع (فاجر)، والوصف يشير إلى فاسدي العمل. ونستخلص من كلّ ما تقدّم، إنّ آثار فساد العقيدة لدى الإنسان وأعماله السيئة ستظهر على وجهه يوم القيامة. وقد اختير الوجه، لأنّه أكثر أجزاء الإنسان تعبيراً عمّاً يخالجه من حالات الغبطة والسرور أو الحزن والكآبة، فبإمكانك وبكلّ وضوح أن تعرف أنّ فلاناً مسروراً أم حزيناً من خلال رؤيتك لما انطبع على وجهه، وحالات: السرور، والحزن، والخوف، والغضب، والخجل وما شابه، لها بصمات خاصّة على ملامح وتقاسيم الوجه. وعلى أيّة حال.. فالوجوه الضاحكة المستبشرة، تحكي عن: الإيمان وطهارة القلب وصلاح الأعمال. وبعكس الوجوه المقابلة والدالة على: ظلام الكفر، قبح الأعمال، وكأنّ وجوههم قد غطاها الغبار، تراها مسودة، وتحيط بها هالة من الدخان.. وترى معاني الغم والألم والأسف قد تجسدت على الوجوه، كما تشير إلى ذلك الآية (41) من وسورة الرحمن: (يعرف المجرمون بسيماهم)... فيكفي لمعرفة حال الإنسان في يوم القيامة من خلال النظر إلى وجهه ....

لقد حملت السورة المباركة بين طياتها برنامجاً تربوياً جامعاً لبناء النفس وتزكيتها: 1 ـ فقد أمرت بكسر حاجز الغرور والتكبر، والتحلي بالتأمل في بدء خلق الإنسان، فهذا الذي ابتدأ وجوده من نطفة قذرة، لا ينبغي عليه أن يتطاول ويرى نفسه أكبر من حجمها الطبيعي.

ـ التمسك بطرق الهداية الرّبانية؛ هداية الوحي، تعاليم الأنبياء وبرامج الأولياء الصالحين، وكذا الهداية الحاصلة عن العقل بدراسة قوانين وأنظمة عالم التكوين، فهو أفضل زاد في مشوار طريق البناء.

ـ وتأمر الإنسان للتفكر في طعامه ـ من أين جاء كيف صار، وما سرّ اختلاف ألوانه وأنواعه ـ، ليصل إلى عظمة الخلاق ومدى لطفه ورحمته على عباده...

وإذا ما أعطت السورة كلّ هذه الأهمية لغذاء البدن، فهي تدفع الإنسان للتحري عن سلامة غذاءه الروحي، لأنّ فعل التعليمات المنحرفة والتوجيهات الفاسدة الباطلة كفعل الغذاء المسموم، فهي تنخر في البناء الروحي وتعرض حياة الإنسان للخطر...

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡكَفَرَةُ ٱلۡفَجَرَةُ} (42)

ولما كان{[71797]} هذا الأمر{[71798]} هائلاً ، وكان الفاجر ، لما على قلبه من الرين وله من القساوة ، قليل الخوف من الأجل عديم الفكر فيما يأتي به غد{[71799]} لما غلب عليه من الشهوتين : السبعية والبهيمية بخلاف المتقي في كل ذلك ، استأنف الإخبار زيادة في التهويل فقال : { أولئك } أي البعداء{[71800]} البغضاء { هم } أي خاصة {[71801]}لا غيرهم{[71802]} { الكفرة } أي الذين ستروا دلائل إلإيمان { الفجرة * } أي الذين خرجوا عن دائرة الشرع خروجاً فاحشاً حتى كانوا عريقين في ذلك الكفر والفجور ، وهم في الأغلب المترفون{[71803]} الذين يحملهم غناهم على التكبر والأشر والبطر ، فلجمعهم بين الكفر والفجور جمع لهم بين الغبرة والقترة ، كما يكون للزنوج من البقاعة{[71804]} إذا علا وجوههم غبار ووسخ ، فقد عاد آخرها على أولها فيمن يستحق الإعراض عنه ومن يستحق الإقبال عليه - والله الهادي .


[71797]:من ظ و م، وفي الأصل: ذكر.
[71798]:في ظ: أمرا.
[71799]:من ظ و م، وفي الأصل: عدل.
[71800]:من ظ و م، وفي الأصل: بعد.
[71801]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م.
[71802]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م.
[71803]:من ظ و م، وفي الأصل: المترفهون.
[71804]:في ظ: القناعة.