ثم يمضي المقطع الثالث في السورة القصيرة يعرض صورة من صور الطغيان : صورة مستنكرة يعجب منها ، ويفظع وقوعها في أسلوب قرآني فريد .
( أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى ? أرأيت إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى ? أرأيت إن كذب وتولى ? ألم يعلم بأن الله يرى ? ) .
والتشنيع والتعجيب واضح في طريقة التعبير ، التي تتعذر مجاراتها في لغة الكتابة . ولا تؤدى إلا في أسلوب الخطاب الحي . الذي يعبر باللمسات المتقطعة في خفة وسرعة !
( أرأيت )? أرأيت هذا الأمر المستنكر ? أرأيته يقع ?( أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى ? ) .
{ أرأيت الذي ينهى . . . } نهى أبو الجهل النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في المسجد الحرام ؛ فلما رآه يصلي فيه قال : ألم أنهك عن هذا ؟ ! ألم أنهك عن هذا ؟ ! فانتهره النبي صلى الله عليه وسلم . فقال أبو جهل : أتهددني وأنا أكثر أهل الوادي ناديا ! أي أخبرني يا من يصلح للخطاب : هذا الطاغي الذي ينهى عبد الله عن الصلاة لربه ؟ ألم يعلم بأن الله يراه ويطلع عليه فيجازيه على هذا الفعل المنكر ! ؟ ورأى تتعدى لمفعولين أولهما " الذي " ، وثانيهما محذوف دل عليه قوله تعالى : " ألم يعلم بأن الله يرى " .
قوله تعالى : " أرأيت الذي ينهى " وهو أبو جهل " عبدا " وهو محمد صلى اللّه عليه وسلم . فإن أبا جهل قال : إن رأيت محمدا يصلي لأطأن على عنقه ، قاله أبو هريرة . فأنزل اللّه هذه الآيات تعجبا{[16215]} منه . وقيل : في الكلام حذف ، والمعنى : أمن هذا الناهي عن الصلاة من العقوبة .
{ أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى } اتفق المفسرون أن العبد الذي صلى هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وأن الذي نهاه أبو جهل لعنه الله ، وسبب الآية أن أبا جهل جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي في المسجد الحرام فهم بأن يصل إليه ، ويمنعه من الصلاة ، وروي أنه قال : " لئن رأيته يصلي لأطأن عنقه " ، فجاءه وهو يصلي ثم انصرف عنه مرعوبا ، فقيل له : ما هذا ؟ فقال : لقد اعترض بيني وبينه خندق من نار ، وهول وأجنحة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوا عضوا " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.