قوله : { أَرَأَيْتَ الذي ينهى عَبْداً إِذَا صلى }
تقدم الكلام على { أَرَأَيْتَ الذي ينهى } . وقال الزمخشري{[60544]} هنا : فإن قلت : ما متعلق «أرأيت » ؟ قلت : «الَّذي يَنْهَى » مع الجملة الشرطية ، وهما في موضع المفعولين ، فإن قلت : فأين جواب الشرط ؟ قلتُ : هو محذوف ، تقديره : «إنْ كَانَ عَلَى الهُدى ، أو أمَرَ بالتَّقْوَى ، ألَمْ يَعْلمْ بأنَّ اللهَ يَرَى » ، وإنما حذف لدلالة ذكره في جواب الشرط الثاني . فإن قلت : كيف يصح أن يكون «أَلَمْ يَعْلَمْ » جواباً للشرط ؟ . قلت : كما صح في قولك : إن أكرمتك أتكرمني ، وإن أحسن إليك زيد هل تحسنُ إليه ؟ . فإن قلت : فما { أرأيت الثانية } ، وتوسطها بين مفعول «أرأيت » ؟ قلت : هي زائدة مكررة للتأكيد .
قال شهاب الدين{[60545]} : اعلم أن «أرَأيْتَ » لا يكون مفعولها الثاني إلا جملة استفهامية كقوله تعالى : { قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ الله } [ الأنعام : 47 ] ، ومثله كثير ، وهنا «أرَأيْتَ » ثلاث مرات ، وقد صرح بعد الثالثة منها بجملة استفهامية ، فيكون في موضع المفعول الثاني لها ، ومفعولها الأول محذوف ، وهو ضمير يعود على { الَّذي يَنْهَى عَبْداً } الواقع مفعولاً ل «أرَأيْتَ » الأولى ، ومفعول «أرأيت » الأولى الذي هو الثاني محذوف ، وهو جملة استفهامية كالجملة الواقعة بعد «أرأيت » الثالثة ، وأما «أرأيت » الثانية ، فلم يذكر لها مفعول ، لا أول ، ولا ثان ، حذف الأول لدلالة المفعول من «أرأيت » الثالث عليه ، فقد حذف الثاني من الأولى ، والأول من الثالثة ، والاثنان من الثانية ، وليس طلب كل من «أرأيت » للجملة الاسمية على سبيل التنازع ؛ لأنه يستدعي إضماراً . والجملة لا تضمر إنما تضمر المفردات ، وإنما ذلك من باب الحذف للدلالة ، وأما الكلام على الشرط مع «أرأيت » هذه ، فقد تقدم في «الأنعام » ، ويجوز الزمخشريُّ وقوع جواب الشرط استفهاماً بنفسه ، وهذا لا يجوزُ ، بل نصوا على وجوب ذكر الفاءِ في مثله ، وإن ورد شيء من ذلك فهو ضرورة .
قال القرطبيُّ{[60546]} : وقيل : كل واحد من «أرَأيْتَ » بدل من الأول ، و{ ألَمْ يَعْلَمْ بأنَّ اللهَ يَرَى } الخبر .
قال المفسرون : «الذي يَنْهَى » أبو جهل ، وقوله تعالى «عَبْداً » يعني محمداً صلى الله عليه وسلم ، فإن أبا جهل قال : لئن رأيت محمداً لأطأنَّ على عنقه . ثم إنه لما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة نكص على عقبيه ، فقالوا له : ما لك يا أبا الحكم ؟ قال : إن بيني وبينه لخندقاً من نار ، وهولاً شديداً .
قال أبو هريرة - رضي الله عنه - : فأنزل الله هذه الآيات تعجُّباً منه{[60547]} .
وعن الحسن : أنه أمية بن خلف ، كان ينهى سلمان عن الصلاة .
وقيل : في الكلام حذف ، والمعنى : من هذا الناهي عن الصلاة من العقوبة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.