لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{عَبۡدًا إِذَا صَلَّىٰٓ} (10)

{ أرأيت الذي ينهى عبداً إذا صلى } نزلت في أبي جهل ، وذلك أنه نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصّلاة . ( م ) عن أبي هريرة قال : قال أبو جهل : هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم ؟ فقيل : نعم . فقال : واللاّت والعزّى لئن رأيته يفعل ذلك لأطأن على رقبته ، ولأعفرن وجهه في التراب . قال : فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ليطأ على رقبته ، قال : فما فجأهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه ، ويتقي بيديه ، فقيل له : ما لك ؟ قال : إن بيني وبينه خندقاً من نار ، وهولاً وأجنحة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضواً عضواً " فأنزل الله هذه الآية ، لا أدري في حديث أبي هريرة أو شيء بلغه { كلا إن الإنسان ليطغى } إلى قوله { كلا لا تطعه } قال : وأمره بما أمره به ، زاد في رواية { فليدع ناديه } يعني قومه . ( خ ) عن ابن عباس قال : " قال أبو جهل : لئن رأيت محمداً يصلي عند البيت لأطأن على عنقه . فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " لو فعله لأخذته الملائكة " زاد التّرمذي " عياناً " . ومعنى { أرأيت } تعجباً للمخاطب وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفائدة التنكير في قوله { عبداً } تدل على أنه كامل العبودية ، والمعنى أرأيت الذي ينهى أشد الخلق عبودية عن العبودية ، وهذا دأبه وعادته ، وقيل : إن هذا الوعيد يلزم لكل من ينهى عن الصلاة عن طاعة الله تعالى ، ولا يلزم منه عدم جواز المنع من الصّلاة في الدّار المغصوبة ، وفي الأوقات المكروهة ؛ لأنه قد ورد النهي عن ذلك في الأحاديث الصّحيحة ، ولا يلزم من ذلك أيضاً عدم جواز منع المولى عبده ، والرجل زوجته عن قيام الليل ، وصوم التّطوع والاعتكاف ؛ لأن ذلك استيفاء مصلحة إلا أن يأذن فيه المولى أو الزوج .