في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسۡتَقَٰمُواْ فَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ} (13)

وفي نهاية هذا الشوط الأول يصور لهم جزاء المحسنين ، ويفسر لهم هذه البشرى التي يحملها إليهم القرآن الكريم ، بشرطها ، وهو الاعتراف بربوبية الله وحده والاستقامة على هذا الاعتقاد ومقتضياته :

إن الذين قالوا : ربنا الله . ثم استقاموا . فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون . أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها ، جزاء بما كانوا يعملون . .

وقولة : ( ربنا الله ) . . ليست كلمة تقال . بل إنها ليست مجرد عقيدة في الضمير . إنما هي منهج كامل للحياة ، يشمل كل نشاط فيها وكل اتجاه ، وكل حركة وكل خالجة ؛ ويقيم ميزانا للتفكير والشعور ، وللناس والأشياء ، وللأعمال والأحداث ، وللروابط والوشائج في كل هذا الوجود .

( ربنا الله )فله العبادة ، وإليه الاتجاه . ومنه الخشية وعليه الاعتماد .

( ربنا الله )فلا حساب لأحد ولا لشيء سواه ، ولا خوف ولا تطلع لمن عداه .

( ربنا الله )فكل نشاط وكل تفكير وكل تقدير متجه إليه ، منظور فيه إلى رضاه .

( ربنا الله )فلا احتكام إلا إليه ، ولا سلطان إلا لشريعته ، ولا اهتداء إلا بهداه .

( ربنا الله )فكل من في الوجود وكل ما في الوجود مرتبط بنا ونحن نلتقي به في صلتنا بالله .

( ربنا الله ) . . منهج كامل على هذا النحو ، لا كلمة تلفظها الشفاه ، ولا عقيدة سلبية بعيدة عن واقعيات الحياة .

( ثم استقاموا ) . . وهذه أخرى . فالاستقامة والاطراد والثبات على هذا المنهج درجة بعد اتخاذ المنهج : استقامة النفس وطمأنينة القلب . استقامة المشاعر والخوالج ، فلا تتأرجح ولا تضطرب ولا تشك ولا ترتاب بفعل الجواذب والدوافع والمؤثرات . وهي عنيفة ومتنوعة وكثيرة . واستقامة العمل والسلوك على المنهج المختار . وفي الطريق مزالق وأشواك ومعوقات ؛ وفيه هواتف بالانحراف من هنا ومن هناك !

( ربنا الله ) . . منهج . . والاستقامة عليه درجة بعد معرفته واختياره . والذين يقسم الله لهم المعرفة والاستقامة هم الصفوة المختارة . وهؤلاء ( فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) . . وفيم الخوف وفيم الحزن . . والمنهج واصل . والاستقامة عليه ضمان الوصول ?

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسۡتَقَٰمُواْ فَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ} (13)

إن الذين قالوا ربُّنا الله الذي لا إله غيره ، ثم أحسَنوا العملَ واستقاموا عليه بإيمان كامل ، لا خوفٌ عليهم من فزعِ يوم القيامة وأهواله ، وهُم لا يحزنون على ما خلّفا وراءهم بعد مماتهم .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسۡتَقَٰمُواْ فَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ} (13)

شرح الكلمات :

{ ثم استقاموا } : أي فلم يرتدوا واستمروا على فعل الواجبات وترك المحرمات .

{ فلا خوف عليهم ولا يحزنون } : أي في الدنيا وفي البرزخ وفي عرصات القيامة .

المعنى :

وقوله تعالى { إن الذين قالوا ربّنا الله ثم استقاموا } بعد أن ذكر تعالى المبطلين وباطلهم عقّب على ذلك بذكر المحسنين وأعمالهم على نهج الترهيب والترغيب فأخبر تعالى أن الذين قالوا ربنا الله أي آمنوا وصرحوا بإِيمانهم وجاهروا به ثم استقاموا على منهج لا إله إلا الله فعبدوا الله بما شرع وتركوا عبادة غيره حتى ماتوا على ذلك هؤلاءَ يخبر تعالى عنهم أنهم لا خوف عليهم ولا هم يحزنون في الدنيا وفي البرزخ وفي الآخرة فهم آمنون في الحيوات الثلاث .

الهداية :

من الهداية :

- فضل الاستقامة حتى أنها خير من ألف كرامة ، والاستقامة هي التمسك بالإِيمان العبادة كما جاء بذلك القرآن وبينت السنة .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسۡتَقَٰمُواْ فَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ} (13)

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسۡتَقَٰمُواْ فَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ} (13)

قوله تعالى : " إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا " الآية تقدم معناها{[13830]} . وقال ابن عباس : نزلت في أبي بكر الصديق . والآية تعم . " جزاء " نصب على المصدر .


[13830]:راجع ج 15 ص 357.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسۡتَقَٰمُواْ فَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ} (13)

ولما بين حالة المحسنين شرح أمرهم فقال مستأنفاً في جواب من سأل عنهم وعن بشراهم : { إن الذين قالوا ربنا } أي خالقنا ومولانا والمحسن إلينا { الله } سبحانه وتعالى لا غيره . ولما كانت الاستقامة - وهي الثبات على كل ما يرضي الله-{[58706]} مع ترتبها على التوحيد - عزيزة المنال{[58707]} علية الرتبة ، وكانت في الغالب لا تنال إلا بعد منازلات طويلة ومجاهدات شديدة ، أشار إلى كل من بعدها وعلو رتبتها بأداة التراخي فقال : { ثم } أي بعد-{[58708]} قولهم ذلك الذي وحدوا به { استقاموا } أي طلبوا-{[58709]} القوم طلباً عظيماً وأوجدوه .

ولما كان الوصف لرؤوس المؤمنين ، عد أعمالهم أسباباً فأخبر عنهم بقوله : { فلا خوف عليهم } أي يعلوهم بغلبة الضرر ، ولعله يعبر-{[58710]} في مثل-{[58711]} هذا بالاسم إشارة إلى أن هيبته بالنظر إلى جلاله وقهره وجبروته وكبره وكماله لا تنتفي ، ويحصل للأنسان باستحضارها إخبات{[58712]} وطمأنينة ووقار وسكينة يزيده في نفسه جلالاً ورفعة وكمالاً ، فالمنفي خوف يقلق النفس { ولا هم } في ضمائرهم ولا في ظواهرهم { يحزنون * } أي يتجدد لهم شيء من حزن أصلاً .


[58706]:زيد من م ومد.
[58707]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: المثال.
[58708]:زيد ولابد منه.
[58709]:زيد من م ومد.
[58710]:زيد من م ومد.
[58711]:زيد من ظ و م ومد.
[58712]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: أحساها.