في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{عَبۡدًا إِذَا صَلَّىٰٓ} (10)

ثم يمضي المقطع الثالث في السورة القصيرة يعرض صورة من صور الطغيان : صورة مستنكرة يعجب منها ، ويفظع وقوعها في أسلوب قرآني فريد .

( أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى ? أرأيت إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى ? أرأيت إن كذب وتولى ? ألم يعلم بأن الله يرى ? ) .

والتشنيع والتعجيب واضح في طريقة التعبير ، التي تتعذر مجاراتها في لغة الكتابة . ولا تؤدى إلا في أسلوب الخطاب الحي . الذي يعبر باللمسات المتقطعة في خفة وسرعة !

( أرأيت )? أرأيت هذا الأمر المستنكر ? أرأيته يقع ?( أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى ? ) .

أرأيت حين تضم شناعة إلى شناعة ? وتضاف بشاعة إلى بشاعة ?

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{عَبۡدًا إِذَا صَلَّىٰٓ} (10)

أرأيتَ : أخبِرني .

وبعد ذلك ضَرب الله لنا مثلا من أمثلة الطغيان ، وذكَره على طريقة الاستغراب والتعجيب .

ثم أعقبَ ذِكره بالوعيد والتهديد فقال : { أَرَأَيْتَ الذي ينهى }

أأبصرتَ يا محمد هذا الطاغي الذي ينهى الناس عن الصلاة ، ويحُول دون عبادة الله !

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{عَبۡدًا إِذَا صَلَّىٰٓ} (10)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

ذُكر أن هذه الآية وما بعدها نزلت في أبي جهل بن هشام ، وذلك أنه قال فيما بلغنا : لئن رأيت محمدا يصلي ، لأطأنّ رقبته ، وكان فيما ذُكر قد نَهَى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي ، فقال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : أرأيت يا محمد أبا جهل الذي يَنْهاك أن تصليَ عند المَقام ، وهو مُعرض عن الحقّ ، مكذّب به ، يُعجّب، جلّ ثناؤه، نبيه والمؤمنين من جهل أبي جهل ، وجراءته على ربه ، في نهيه محمدا عن الصلاة لربه ، وهو مع أياديه عنده مكذّب به ....

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

واعلم أن ظاهر الآية أن المراد في هذه الآية هو الإنسان المتقدم ذكره ، فلذلك قالوا : إنه ورد في أبي جهل ، وذكروا ما كان منه من التوعد لمحمد عليه الصلاة والسلام حين رآه يصلي ، ولا يمتنع أن يكون نزولها في أبي جهل ، ثم يعم في الكل ، لكن ما بعده يقتضي أنه في رجل بعينه...

قال : { ينهى عبدا } ولم يقل : ينهاك ، وفيه فوائد؛

( أحدها ) : أن التنكير في عبدا يدل على كونه كاملا في العبودية ، كأنه يقول : إنه عبد لا يفي العالم بشرح بيانه وصفة إخلاصه في عبوديته ... فكأنه تعالى قال : ينهى أشد الخلق عبودية عن العبودية وذلك عين الجهل والحمق.

( وثانيها ) : أن هذا أبلغ في الذم لأن المعنى أن هذا دأبه وعادته فينهى كل من يرى.

( وثالثها ) : أن هذا تخويف لكل من نهى عن الصلاة...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما كان أفحش ما يكون صد العبد عن خدمة سيده ، قال معبراً بالعبودية منكراً للمبالغة في تقبيح النهي والدلالة على كمال العبودية : { عبداً } أي من العبيد { إذا صلّى } أي خدم سيده الذي لا يقدر أحد أن ينكر سيادته بإيقاع الصلاة التي هي وصلته به ، وهي أعظم أنواع العبادة ...

السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني 977 هـ :

وقيل : إن هذا الوعيد يلزم كل من ينهى عن الصلاة عن طاعة الله تعالى ....

تيسير التفسير لاطفيش 1332 هـ :

والصلاة المذكورة في الآية مطلقة ؛ لأن المراد بنهيه - لعنه الله - النهي عن الصلاة صراحاً بلسان ، وضمناً كهذه القصة ، فالنهي بمعنى مطلق المنع ...

{ ينهى عبداً إذا صلى } بصيغة التجدد ، ...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وعدل عن التعبير عنه بضمير الخطاب لأن التعجيب من نفس النهي عن الصلاة بقطع النظر عن خصوصية المصلّي . فشموله لنهيه عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم أوقع ، وصيغة المضارع في قوله : { ينهى } لاستحضار الحالة العجيبة وإلا فإن نهيه قد مضى .

والمنهي عنه محذوف يغني عنه تعليق الظرف بفعل { ينهى } أي نهاه عن صلاته .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{عَبۡدًا إِذَا صَلَّىٰٓ} (10)

{ عبدا إذا صلى } وذلك أنه قال : لئن رأيت محمدا يصلي لأطأن على رقبته . ومعنى أرأيت ها هنا تعجب ، وكذلك قوله { أرأيت إن كان على الهدى } { أو أمر بالتقوى }

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{عَبۡدًا إِذَا صَلَّىٰٓ} (10)

قوله تعالى : " أرأيت الذي ينهى " وهو أبو جهل " عبدا " وهو محمد صلى اللّه عليه وسلم . فإن أبا جهل قال : إن رأيت محمدا يصلي لأطأن على عنقه ، قاله أبو هريرة . فأنزل اللّه هذه الآيات تعجبا{[16215]} منه . وقيل : في الكلام حذف ، والمعنى : أمن هذا الناهي عن الصلاة من العقوبة .


[16215]:أي تعجيبا منه، وهو إيقاع المخاطب وحمله على التعجب (عن حاشية الجمل).

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{عَبۡدًا إِذَا صَلَّىٰٓ} (10)

ولما كان أفحش ما يكون صد العبد عن خدمة سيده ، قال معبراً بالعبودية منكراً للمبالغة في تقبيح النهي والدلالة على كمال العبودية : { عبداً } أي من العبيد { إذا صلّى * } أي خدم سيده الذي لا يقدر أحد أن ينكر سيادته بإيقاع الصلاة التي هي وصلته به ، وهي أعظم أنواع العبادة ؛ لأنها مع كونها أقرب وصلة إلى الحق انقطاع وتجرد بالكلية عن الخلق ، فكان نهيه له عن ذلك نهياً عن أداء الحق لأهله حسداً أو بغياً ، فكان دالاًّ على أن من طبع أهل كل زمان عداوة أهل الفضل ، وصدهم عن الخير ؛ لئلا يختصوا بالكمال .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{عَبۡدًا إِذَا صَلَّىٰٓ} (10)

قوله : { عبدا إذا صلّى } المراد بالناهي أبو جهل . فهذا الشقي الخاسر كان قد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة ، وقد قال قولته المقبوحة : لئن رأيت محمدا يصلي لأطأنّ عنقه . والاستفهام للتعجيب من فعل هذا الشقي الأثيم أبي جهل .