فليأت بشركائهم إن كانوا صادقين . يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون . خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة . وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون . فذرني ومن يكذب بهذا الحديث . سنستدرجهم من حيث لا يعلمون . وأملي لهم إن كيدي متين . أم تسألهم أجرا فهم من مغرم مثقلون ? أم عندهم الغيب فهم يكتبون )? !
والتهديد بعذاب الآخرة وحرب الدنيا يجيء - كما نرى - في خلال ذلك الجدل ، وهذا التحدي . فيرفع من حرارة الجدل ، ويزيد من ضغط التحدي .
والسؤال الاستنكاري الأول : ( أفنجعل المسلمين كالمجرمين ? )يعود إلى عاقبة هؤلاء وهؤلاء التي عرضها في الآيات السابقة . وهو سؤال ليس له إلا جواب واحد . . لا . لا يكون . فالمسلمون المذعنون المستسلمون لربهم ، لا يكونون أبدا كالمجرمين الذين يأتون الجريمة عن لجاج يسمهم بهذا الوصف الذميم ! وما يجوز في عقل ولا في عدل أن يتساوى المسلمون والمجرمون في جزاء ولا مصير .
ولما كان عدم إيراث كل من الفريقين الدار التي تقدم وصفها تسوية بين المحسن والمسيء ، وكان ذلك لا يليق بحكيم أن يفعله ، وجب إنكاره لتحقق أن ما أخبر به سبحانه لا يكون إلا كذلك{[67625]} لا سيما وقد كان الكفار يقولون : إنهم كالمسلمين أو أحسن حالاً منهم ، وذلك أنه إن كان لا بعث ، كما كانوا يظنون ، فقد استووا فيما بعده {[67626]}مع ما{[67627]} فضلوهم به في الدنيا من اتباع الأهواء والظفر باللذائذ ، وإن كان ثم بعث {[67628]}فقد كانوا{[67629]} يقولون لشبهة دعتهم إليها شهوتهم{[67630]} : أما نكون على تقديره أحسن حالاً منكم وآثر عند الله في حسن العيش كما نحن في هذه الدار لأنه ما بسط لنا في هذه الدار إلا ونحن عنده أفضل منكم ، فقال تعالى منكراً {[67631]}ومكذباً{[67632]} لذلك غاية إنكار {[67633]}والتكذيب{[67634]} عائباً التحكم بالجهل{[67635]} غاية العيب نافياً للمساواة ليكون انتقاماً هو أعلى من باب الأولى مسبباً عما تقديره : ولا يكون لغير المتقين ذلك : { أفنجعل المسلمين } أي الذين هم عريقون في الانقياد لأوامرنا والصلة لما أمرنا بوصله طلباً لمرضاتنا فلا اختيار لهم معنا في نفس ولا غيرها لحسن جبلاتهم { كالمجرمين * } أي الراسخين{[67636]} في قطع ما أمرنا به أن يوصل{[67637]} وأنتم لا تقرون مثل ذلك ، بل من عاندكم نوع معاندة قاطعتموه ولو وصل الأمر إلى القتل .
قوله : { أفنجعل المسلمين كالمجرمين } الإستفهام للإنكار . والفاء للعطف على مقدر . فقد كان صناديد قريش المشركون يرون أنهم محظوظون في الدنيا وأن المسلمين غير أولي حظوظ فيها ، فلما سمعوا بذكر الآخرة وما أعدّ فيها للمسلمين قالوا : إن صح ما يزعمه محمد فلن يكون حالنا وحالهم إلا مثل ما هي في الدنيا .
فرد الله مقالتهم وكذبهم تكذيبا في قوله : { أفنجعل المسلمين كالمجرمين } الاستفهام للإنكار . أي لن يجعل الله المسلمين كالمجرمين العصاة يوم القيامة . فالمؤمنون لهم الجنات خالدين فيها ، والكافرون العصاة يصلون النار لابثين فيها لا يخرجون .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.