إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{أَفَنَجۡعَلُ ٱلۡمُسۡلِمِينَ كَٱلۡمُجۡرِمِينَ} (35)

وقولُه تعالَى : { أَفَنَجْعَلُ المسلمين كالمجرمين } تقريرٌ لما قبلَهُ من فوزِ المُتقينَ بجنَّاتٍ النعيمِ ، وردٌّ لما يقولَهُ الكفرةُ عند سماعِهِم بحديثِ الآخرةِ وما وعدَ الله المسلمينَ فيهَا فإنهم كانُوا يقولونَ إنْ صحَّ أنا نُبعثُ كما يزعمُ محمدٌ ومَنْ معَهُ لم يكُنْ حالُنَا وحالُهُم إلا مثلَ ما هيَ في الدّنيا وإلا لم يزيدُوا علينَا ولم يفضلونَا وأقصى أمرِهِم أنْ يساوونَا . والهمزَةُ للإنكارِ والفاءُ للعطفِ على مقدرٍ يقتضيهِ المقامُ أي أنحيفُ في الحكمِ فنجعلَ المسلمينَ كالكافرينَ ثم قيلَ لهُم بطريقِ الالتفاتِ لتأكيدِ الردِّ وتشديدِه .