( وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون . واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون ) . .
الإنابة . والإسلام . والعودة إلى أفياء الطاعة وظلال الاستسلام . . هذا هو كل شيء . بلا طقوس ولا مراسم ولا حواجز ولا وسطاء ولا شفعاء !
إنه حساب مباشر بين العبد والرب . وصلة مباشرة بين المخلوق والخالق . من أراد الأوبة من الشاردين فليؤب . ومن أراد الإنابة من الضالين ، فلينب . ومن أراد الاستسلام من العصاة فليستسلم . وليأت . . ليأت وليدخل فالباب مفتوح . والفيء والظل والندى والرخاء : كله وراء الباب لا حاجب دونه ولا حسيب !
وهيا . هيا قبل فوات الأوان . هيا ( من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون ) . . فما هنالك من نصير . هيا فالوقت غير مضمون . وقد يفصل في الأمر وتغلق الأبواب في أية لحظة من لحظات الليل والنهار . هيا .
ولما كان التقدير : فأقلعوا عن ذنوبكم ، فإنها قاطعة عن الخير ، مبعدة عن الكمال ، عطف عليه استعطافاً قوله دالاً على أن الغفران المتقدم إنما هو إذا شاء التفضل سبحانه بتوبة وبغير توبة : { وأنيبوا } أي ارجعوا بكلياتكم وكلوا حوائجكم وأسندوا أموركم واجعلوا طريقكم { إلى } ولفت الكلام إلى صفة الإحسان زيادة في الاستعطاف فقال : { ربكم } أي الذي لم تروا إحساناً إلا وهو منه { وأسلموا له } أي أوجدوا إسلام جميع ما ملكه لكم من الأعيان والمعاني متبرئين عنه لأجله فإنه لو شاء سلبكموه ، فإذا لم تكونوا مالكيه ملكاً تاماً فعدوا أنفسكم عارية عنه غير مالكة له ولا قادرة ، وكان الذي لكم بالإصالة ما كان .
ولما كان ذلك شديداً لأن الكف عما أشرفت النفس على بلوغ الوطر منه في غاية المرارة ، قال مهدداً لهم دالاً بحرف الابتداء على رضاه منهم بإيقاع ما أقر به في اليسير من الزمان لأنه لا يقدر أحد أن يقدر الله حق قدره الله حق قدره باستغراق الزمان في الطاعة وإن كان إبهام الأجل يحدو العاقل على استغراقه فيها : { من قبل أن يأتيكم } أي وأنتم صاغرون { العذاب } أي القاطع لكل العذوبة المجرّع لكل مرارة وصعوبة . ولما كان الإنسان ربما توقع ضرراً في إقدامه على ما له فيه لذة ، وحاول دفعه ، قال معظماً لهذا العذاب مشيراً بأداة التراخي إلى أنه لا يمكن دفعه ولو طال المدى : { ثم لا تنصرون * } أي لا يتجدد لكم نوع نصر أبداً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.