تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَأَنِيبُوٓاْ إِلَىٰ رَبِّكُمۡ وَأَسۡلِمُواْ لَهُۥ مِن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَكُمُ ٱلۡعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ} (54)

الآية 54 وقوله تعالى : { وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ } الآية كأنها صلة ما تقدم من قوله : { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ } بعد إذ أقبلتم إلى قبول ما دعيتم إليه ، ورجعتم عما كان منكم .

ثم قوله عز وجل { وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ } قال بعضهم : أنيبوا بقلوبكم إلى طاعة ربكم ، وأخلصوا له تلك الطاعة ، ولا تشركوا فيها غيره . وقيل : { وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ } أي ارجعوا إلى ما أمركم ربكم { أَسْلِمُوا

لَهُ } أي أخلصوا له التوحيد ، أو{[18015]} يقول : اجعلوا كل شيء منكم له .

وأًصل الإنابة ، هو الرجوع إلى طاعة الله والنزوع عما كان عليه الإراءة ؛ يقول عز وجل { منيبين إليه واتقوه } الآية [ الروم : 31 ] .

وقوله تعالى : { مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ } يقول ، والله أعلم ، على الصلة بالأول أن أنيبوا له ، وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ، فلا تقبل منكم الإنابة والتوبة إذا أقبل عليكم العذاب .

[ وقوله تعالى ]{[18016]} : [ { ثم لا تنصرون } هذا يحتمل وجهين :

أحدهما : { ثم لا تنصرون } بإنابتكم إلى الله عز وجل في ذلك الوقت الذي أقبل عليكم العذاب ]{[18017]} على ما ذكرنا أي لا تجابون في{[18018]} ذلك الوقت .

والثاني : { ثم لا تنصرون } بعبادة من عبدتموه من الأصنام والأوثان على رجاء أن يشفع لكم ، ويرفع عنكم العذاب ، أي أنيبوا إلى عبادة الله الحق قبل نزول العذاب بكم ، فإنكم إن كنتم على عبادة من تعبدون دونه لا تنصرون ، والله أعلم .


[18015]:في الأصل وم: وأن.
[18016]:ساقطة من الأصل وم.
[18017]:من م، ساقطة من الأصل.
[18018]:في الأصل وم: من.