وقوله : وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له } يدل{[59095]} على أن الآية نزلت فيمن هو على غير الإٍسلام ، وأن الإسلام تغفر الذنوب كلها التي اكتسبت في الكفر .
وروى ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم{[59096]} أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما أحب أن لي الدنيا وما فيها بهذه الآية " . فقال رجل : يا رسول الله ، ومن أشرك ؟ ! فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : " ألا ومن أشرك ( ألا ومن أشرك ){[59097]} – ثلاث مرات " {[59098]} .
وروي عن ابن عمر أنه قال : كنا معشر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم{[59099]} نقول : إنه ليس من حسناتنا إلا وهي مقبولة حتى نزلت هذه الآية : { أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم }{[59100]} فلما نزلت هذه الآية قلنا ما هذا الذي يبطل أعمالنا ؟ فقلنا{[59101]} : الكبائر والفواحش . قال : فكنا إذا رأينا من أصاب{[59102]} شيئا منها ، قلنا : قد هلك ، حتى نزلت هذه الآية ٍ { إن الله يغفر الذنوب جميعا } و{ إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء }{[59103]} .
فلما نزلت هذه الآية كففناعن القول في ذلك ، فكنا إذا رأينا{[59104]} أحد أصاب منها شيئا خفنا عليه ، وإن لم يصب منها شيئا رجونا له{[59105]} .
وعن عبد الله بن مسعود أنه قال : القنوط من رحمة الله من الكبائر . واختار الطبري أن / تكون الآية عامة في أهل الإيمان وأهل الشرك لأن الله عز وجل عم المسرفين ولم يخصص به أحد ، فالشرك أعظم الذنوب وهو مغفور مع التوبة منه والرجوع عنه{[59106]} .
وكان ابن عباس يقرأ{[59107]} : ( يغفر الذنوب جميعا لمن شاء ) .
وقد قيل : إن قوله : { يغفر الذنوب جميعا{[59108]} } منسوخ بقوله : ٍ{ ومن يقتل مومنا متعمدا }{[59109]} ، وقيل : بقوله : { إن الله لا يغفر أن يشرك به }{[59110]} .
والصواب أنها محكمة لأنها خبر ، والأخبار لا تنسخ ، والله يغفر كل الذنوب لمن يشاء من المؤمنين ، فلا نسخ فيه{[59111]} .
ومعنى ( لا تقنطوا ) : لا تنسوا .
{ إن الله يغفر الذنوب جميعا } ، أي : يستر على الذنوب كلها بعفوه عن أهلها إذا تابوا منها .
{ إنه هو الغفور } أي : الساتر لذنوب التائبين .
{ الرحيم } بهم أن يعاقبهم عليها بعد توبتهم منها .
ثم قال تعالى : { وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له } أي : ارجعوا إلى طاعة ربكم ، وأقبلوا على عبادته ، واخضعوا له ، وأجيبوا داعيه .
{ من قبل أن ياتيكم العذاب } على كفركم .
{ ثم لا تنصرون } أي : لا ينصركم ناصر فينقذكم{[59112]} من عذاب الله عز وجل .
والإنابة هنا : الإيمان والتوبة من الكفر .
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الإيمان إذا وقع في القلب انفسح له والشرح " . فقيل له : يا رسول الله{[59113]} ، فهل لذلك من آية يعرف بها ؟ فقال{[59114]} : " الإنابة إلى دار الخلود ، والتجافي عن دار الغرور ، والاستعداد للموت قبل نزول الموت " {[59115]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.