في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَهُمۡ فِيهَا مَنَٰفِعُ وَمَشَارِبُۚ أَفَلَا يَشۡكُرُونَ} (73)

وذللها لهم يركبونها ويأكلون منها ويشربون ألبانها ، وينتفعون بها منافع شتى . . وكل ذلك من قدرة الله وتدبيره ؛ ومن إيداعه ما أودع من الخصائص في الناس وفي الأنعام ، فجعلهم قادرين على تذليلها واستخدامها والانتفاع بها . وجعلها مذللة نافعة ملبية لشتى حاجات الإنسان . وما يملك الناس أن يصنعوا من ذلك كله شيئاً . وما يملكون أن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له . وما يملكون أن يذللوا ذبابة لم يركب الله في خصائصها أن تكون ذلولاً لهم ! . . ( أفلا يشكرون ? ) . .

وحين ينظر الإنسان إلى الأمر بهذه العين وفي هذا الضوء الذي يشيعه القرآن الكريم . فإنه يحس لتوه أنه مغمور بفيض من نعم الله . فيض يتمثل في كل شيء حوله . وتصبح كل مرة يركب فيها دابة ، أو يأكل قطعة من لحم ، أو يشرب جرعة من لبن ، أو يتناول قطعة من سمن أو جبن . أو يلبس ثوباً من شعر أو صوف أو وبر . . . إلى آخره إلى آخره . . لمسة وجدانية تشعر قلبه بوجود الخالق ورحمته ونعمته . ويطرد هذا في كل ما تمس يده من أشياء حوله ، وكل ما يستخدمه من حي أو جامد في هذا الكون الكبير . وتعود حياته كلها تسبيحاً لله وحمداً وعبادة آناء الليل وأطراف النهار . . ولكن الناس لا يشكرون .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَلَهُمۡ فِيهَا مَنَٰفِعُ وَمَشَارِبُۚ أَفَلَا يَشۡكُرُونَ} (73)

" ولهم فيها منافع " من أصوافها وأوبارها وأشعارها وشحومها ولحومها وغير ذلك . " ومشارب " يعني ألبانها ، ولم ينصرفا لأنهما من الجموع التي لا نظير لها في الواحد . " أفلا يشكرون " الله على نعمه .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَلَهُمۡ فِيهَا مَنَٰفِعُ وَمَشَارِبُۚ أَفَلَا يَشۡكُرُونَ} (73)

ولما أشار إلى عظمة نفع الركوب والأكل بتقديم الجار ، وكانت منافعها من غير ذلك كثيرة ، قال : { ولهم فيها منافع } أي بالأصواف والأوبار والأشعار والجلود والبيع وغير ذلك ، وخص المشرب من عموم المنافع لعموم نفعه ، فقال جامعاً له لاختلاف طعوم ألبان الأنواع الثلاثة ، وكأنه عبر بمنتهى الجموع لاختلاف طعوم أفراد النوع الواحد لمن تأمل { ومشارب } أي من الألبان ، أخرجناها مميزة عن الفرث والدم خالصة لذيذة ، وكل ذلك لا سبب له إلا أن كلمتنا حقت به ، فلم يكن بد من كونه على وفق ما أردنا ، فليحذر من هو أضعف حالاً منها من حقوق أمرنا ومضي حكمنا بما يسوءه .

ولما كانت هذه الأشياء من العظمة بمكان ، لو فقده الإنسان لتكدرت معيشته ، سبب عن ذلك استئناف الإنكار عليهم في تخلفهم عن طاعته بقوله : { أفلا يشكرون * } أي يوقعون الشكر ، وهو تعظيم المنعم لما أنعم وهو استفهام بمعنى الأمر .