( والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم ) . .
وهي الزكاة على وجه التخصيص والصدقات المعلومة القدر . . وهي حق في أموال المؤمنين . . أو لعل المعنى أشمل من هذا وأكبر . وهو أنهم يجعلون في أموالهم نصيبا معلوما يشعرون أنه حق للسائل والمحروم . وفي هذا تخلص من الشح واستعلاء على الحرص ! كما أن فيه شعورا بواجب الواجد تجاه المحروم ، في هذه الأمة المتضامنة المتكافلة . . والسائل الذي يسأل ؛ والمحروم الذي لا يسأل ولا يعبر عن حاجته فيحرم . أو لعله الذي نزلت به النوازل فحرم وعف عن السؤال . والشعور بأن للمحتاجين والمحرومين حقا في الأموال هو شعور بفضل الله من جهة ، وبآصرة الإنسانية من جهة ، فوق ما فيه من تحرر شعوري من ربقة الحرص والشح . وهو في الوقت ذاته ضمانة اجتماعية لتكافل الأمة كلها وتعاونها . فهي فريضة ذات دلالات شتى ، في عالم الضمير وعالم الواقع سواء . . وذكرها هنا فوق أنه يرسم خطا في ملامح النفس المؤمنة فهو حلقة من حلقات العلاج للشح والحرص في السورة .
ولما كان في السؤال من بذل {[68380]}الوجه وكسر النفس{[68381]} ما يوجب الرقة مع وقاية النفس مع المذمة ، قدم قوله : { للسائل }{[68382]} أي المتكلف لسؤال الإنفاق المتكفف{[68383]} . ولما كان في{[68384]} الناس من شرفت همته وعلت{[68385]} رتبته على مهاوي الابتذال بذل السؤال من الإقلال{[68386]} بذب المقبل على الله للتفطن والتوسم لأولئك فقال{[68387]} : { والمحروم * } أي المتعفف{[68388]} الذي لا يسأل فيظن غنياً ولا مال له يغنيه{[68389]} فهو يتلظى بناره في ليله ونهاره ، ولا مفزع له بعد ربه المالك لعلانيته وإسراره إلا إلى إفاضة مدامعه بذله وانكساره ، وهذا من الله تعالى حث على تفقد أرباب الضرورات ممن لا كسب له ومن افتقر بعد الغنى ، وقد كان{[68390]} للسلف الصالح في هذا{[68391]} وأشباهه قصب السبق ، حكي عن زين العابدين{[68392]} أنه لما مات وجد في ظهره آثار سود عند غسله كأنها السيور ، فعجبوا منها ، فلما كان بعد أيام قال{[68393]} نسوة أرامل : كان شخص يأتي إلينا ليلاً بقرب الماء وأجربة الدقيق على ظهره ففقدناه واحتجنا{[68394]} ، فعلموا أنه هو وأن تلك السيور من ذلك ، وحكي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن شخصاً رآه ماشياً في زمن خلافته {[68395]}في الليل{[68396]} فتبعه{[68397]} حتى يعلم إلى أين يقصد ، فلم يزل رضي الله عنه حتى جاء{[68398]} إلى بيت نسوة{[68399]} أرامل فقال : أعندكن{[68400]} ماء وإلا أملأ لكن ، فأعطينه جرة فأخذها وذهب فملأها على كتفه وأتى بها إليهن ، والحكايات {[68401]}عنهم في{[68402]} هذا الباب كثيرة شهيرة جداً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.