السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{لِّلسَّآئِلِ وَٱلۡمَحۡرُومِ} (25)

{ للسائل } أي : الذي يسأل { والمحروم } أي : الذي لا يسأل ، فيحسب غنياً فيحرم فهو يتلظى بناره في ليله ونهاره ، ولا مفزع له بعد ربه المالك لعلانيته وسره إلا إلى إفاضة مدامعه بذلة وانكسار ، وهذا من الله تعالى حث على تفقد أرباب الضرورات ممن لا كسب له ومن افتقر بعد الغنى ، وقد كان للسلف الصالح في هذا قصب السبق ، حكي عن زين العابدين أنه لما مات وجد في ظهره آثار سواد كأنها السيور ، فعجبوا منها فقال بعد موته نسوة أرامل : كان شخص يأتي إلينا ليلاً بقرب الماء على ظهره وأجربة الدقيق ففقدناه واحتجنا ، فعلموا أنه هو وأن تلك السيور من ذلك ، وحكي عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما أن شخصاً رآه ماشياً في زمن خلافته في الليل فتبعه ، فجاء إلى بيت نسوة أرامل فقال : أعندكن ماء وإلا املأ لكنّ ، فأعطينه جرة فأخذها وذهب فملأها على كتفه وأتى بها إليهنّ . والحكايات عنهم في هذا كثيرة .