المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{لِّلسَّآئِلِ وَٱلۡمَحۡرُومِ} (25)

و «السائل » : المتكفف ، { والمحروم } المحارف الذي قد ثبت فقره ولم تنجح سعاياته لدنياه ، قالت عائشة : هو الذي لا يكاد يتيسر له مكسبه . وقال بعض أهل العلم ، { المحروم } : من احترق زرعه ، وقال بعضهم { المحروم } : من ماتت ماشيته ، وهذه أنواع الحرمان لأن الاسم يستلزم هذا خاصة ، وقال عمر بن عبد العزيز { المحروم } : الكلب أراد ، والله أعلم أن يعطي مثالاً من الحيوان ذي الكبد الرطبة لما فيه من الأجر حسب الحديث المأثور{[11328]} ، وقال الشعبي : أعياني أن أعلم ما المحروم . وحكى عنه النقاش أنه قال : وهو ابن سبعين سنة سألت عنه وأنا غلام فما وجدت شفاء .

قال القاضي أبو محمد : يرحم الله الشعبي فإنه في هذه المسألة محروم ، ولو أخذه اسم جنس فيمن عسرت مطالبه بان له ، وإنما كان يطلبه نوعاً مخصوصاً كالسائل .


[11328]:جاء هذا في حديث مشهور رواه البخاري، ومسلم، وأبو داود، ومالك، وأحمد، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (بينا رجل يمشي فاشتد عليه العطش فنزل بئرا فشرب منها، ثم خرج فإذا هو بكلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال: لقد بلغ هذا مثل الذي بلغ بي، فملأ خفه ثم أمسكه بفيه ثم رقي فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له، قالوا: يا رسول الله، وإن لنا في البهائم أجرا؟ قال: في كل كبد رطبة أجر)، واللفظ للبخاري.