وينتهي هذا المشهد الأول للواقعة لنشهد آثارها في الخفض والرفع ، وفي أقدار البشر ومصائرهم الأخيرة :
( وكنتم أزواجا ثلاثة . فأصحاب الميمنة . ما أصحاب الميمنة ? وأصحاب المشأمة . ما أصحاب المشأمة ? والسابقون السابقون . . . )
ونجد الناس هنا أصنافا ثلاثة - لا صنفين اثنين كما هو السائد في مشاهد الاستعراض القرآنية-
أزواجا : أصنافا وأنواعا ، أو فرقا .
3- { وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً } .
ينقسم الأولون والآخرون إلى ثلاث فرق ، أو أصناف أو أزواج متشابهة :
الفرقة الأولى : أهل اليمين : وهم أغلب أهل الجنة ، وهم عن يمين عرش الرحمن .
الفرقة الثانية : أهل الشمال : وهم أهل النار .
الفرقة الثالثة : أهل السبق والمسارعة على امتثال أمر الله : وهم أهل الدرجات العلى في الجنة .
{ وكنتم أزواجا ثلاثة } أي وصرتم في ذلك اليوم بما كان في جبلاتكم وطبائعكم ، وما كان من أعمالكم في الدنيا أصنافا ثلاثة . صنفان سعداء ، وهم السابقون وأصحاب الميمنة . والثالث أشقياء ، وهم أصحاب المشأمة . والخطاب للأمة الحاضرة والأمم السابقة على سبيل التغليب . وقيل للأمة الحاضرة فقط . والزوج : يطلق على كل ما يقترن بآخر مماثلا له أو مضادا ؛ كما يطلق على كل واحد من القرينين من الذكر والأنثى في الحيوان المتزاوج . وعل كل قرينين فيه وفي غيره كالخف والنعل .
ولما ذكر غاية مبادئها المرجفة المرهبة ، ذكر مبادئ غاياتها فقال : { وكنتم } أي قسمتم بما كان في جبلاتكم وطباعكم في الدنيا { أزواجاً ثلاثة * } أي أصنافاً لا تكمل حكمة صنف منها إلا بكونها قسمين{[62072]} : أعلى ودونه ، ليكون ذلك أدل على تمام القدرة وهم أصحاب الميمنة المنقسمين إلى سابقين وهم المقربون ، وإلى لاحقين وهم الأبرار أو أصحاب اليمين ، وكأنهم من أولي القلب الذي هو العدل السواء من أصحاب المشأمة إلى آخر أصحاب الميمنة فأصحاب السواء هم المقربون ، وبقية أصحاب الميمنة أصحاب اليمين ، وأصحاب المشأمة هم أصحاب القسم الثالث ، وكل من الثلاثة ينقسم إلى أعلى ودونه ، وقد تبينت الأقسام الثلاثة آخر السورة ، قال البيضاوي : وكل صنف يكون أو يذكر مع صنف آخر زوج .