إنا مرسلو الناقة فتنة لهم . فارتقبهم واصطبر . ونبئهم أن الماء قسمة بينهم . كل شرب محتضر . .
ويقف القارئ يترقب ما سيقع ، عندما يرسل الله الناقة فتنة لهم ، وامتحانا مميزا لحقيقتهم . ويقف الرسول - رسولهم عليه السلام - مرتقبا ما سيقع ، مؤتمرا بأمر ربه في الاصطبار عليهم حتى تقع الفتنة ويتم الامتحان . ومعه التعليمات . .
إنا مرسلو الناقة : مخرجوها وباعثوها .
فتنة لهم : اختبارا وامتحانا لهم .
فارتقبهم : فانتظرهم يا صالح ، وتبصّر ما يصنعون ، وما يؤول إليه أمرهم .
27- { إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ } .
يفيد القرطبي وغيره من كتب التفسير أنهم طلبوا آية من صالح عليه السلام ، وفي بعض الروايات أنهم طلبوا آية بعينها ، وهي أن تخرج ناقة عشراء من صخرة الجبل ، فقام صالح يصلي ويدعو ، وما زال يصلي ويدعو حتى انصدعت الصخرة التي عينوها عن سنامها ، فخرجت ناقة عشراء جعلها الله امتحانا واختبارا ، ليشاهدوا بأم أعينهم المعجزة الواضحة ، وطلب الله من صالح أن يراقبهم عن بعد ، وأن يصبر على أذاهم .
فأرسل الله الناقة التي هي من أكبر النعم عليهم ، آية من آيات الله ، ونعمة يحتلبون من ضرعها{[934]} ما يكفيهم أجمعين ، { فِتْنَةً لَهُمْ } أي : اختبارا منه لهم وامتحانا { فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ } أي : اصبر على دعوتك إياهم ، وارتقب ما يحل بهم ، أو ارتقب هل يؤمنون أو يكفرون ؟
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{إنا مرسلو الناقة فتنة لهم} لنبتليهم بها {فارتقبهم} يعني انتظرهم، فإن العذاب نازل بهم {واصطبر} على الأذى...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره: إنا باعثو الناقة التي سألتها ثمودُ صالحا من الهضبة التي سألوه بَعثتها منها آية لهم، وحجة لصالح على حقيقة نبوّته وصدق قوله. وقوله:"فِتْنَةً لَهُمْ "يقول: ابتلاءً لهم واختبارا، هل يؤمنون بالله ويتبعون صالحا ويصدّقونه بما دعاهم إليه من توحيد الله إذا أرسل الناقة، أم يكذّبونه ويكفرون بالله؟
وقوله: "فارْتَقِبْهُم" يقول تعالى ذكره لصالح: إنا مُرسلو الناقة فتنة لهم، فانتظرهم، وتبصّر ما هم صانعوه بها "وَاصْطَبِرْ" وأصل الطاء تاء، فجعلت طاء، وإنما هو افتعل من الصبر.
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
{واصطبر} على أذاهم ولا تعجل حتى يأتيك أمري.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
فأخبر الله تعالى صالحاً على جهة التأنيس أنه يخرج لهم الناقة ابتلاء واختباراً، ثم أمره بارتقاب الفرج وبالصبر.
تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :
قال آمرا لعبده ورسوله صالح: {فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ} أي: انتظر ما يؤول إليه أمرهم، واصبر عليهم، فإن العاقبة لك والنصر لك في الدنيا والآخرة.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{واصطبر} أي عالج نفسك واجتهد في الصبر عليهم.
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
ويقف القارئ يترقب ما سيقع، عندما يرسل الله الناقة فتنة لهم، وامتحانا مميزا لحقيقتهم. ويقف الرسول -رسولهم عليه السلام- مرتقبا ما سيقع، مؤتمرا بأمر ربه في الاصطبار عليهم حتى تقع الفتنة ويتم الامتحان. ومعه التعليمات.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
والإِرسال مستعار لجعلها آية لصالح. والاصطبار: الصبر القوي، وهو كالارتقاب أيضاً أقوى دلالة من الصبر، أي اصبر صبراً لا يعتريه ملل ولا ضجر، أي اصبر على تكذيبهم ولا تأيس من النصر عليهم، وحذف متعلق {اصطبر} ليعم كل حال تستدعي الضجر. والتقديرُ: واصطبر على أذاهم وعلى ما تجده في نفسك من انتظار النصر.
قوله تعالى : " إنا مرسلو الناقة " أي مخرجوها من الهضبة التي سألوها ، فروي أن صالحا صلى ركعتين ودعا فانصدعت الصخرة التي عينوها عن سنامها ، فخرجت ناقة عشراء [ وبراء ]{[14487]} .
" فتنة لهم " أي اختبارا وهو مفعول له . " فارتقبهم " أي انتظر ما يصنعون . " واصطبر " أي اصبر على أذاهم ، وأصل الطاء في اصطبر تاء فتحولت طاء لتكون موافقة للصاد في الإطباق .