اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{إِنَّا مُرۡسِلُواْ ٱلنَّاقَةِ فِتۡنَةٗ لَّهُمۡ فَٱرۡتَقِبۡهُمۡ وَٱصۡطَبِرۡ} (27)

قوله : { إِنَّا مُرْسِلُوا الناقة } أي مُخْرِجُوهَا من الهَضَبَة التي سألوا .

وأتى باسم الفاعل والإضافة مبالغة في حقيقته كأنه وقع «فِتْنَةً » مفعول به ، أو مصدر من معنى الأول أو في موضع الحال .

روي أنهم تعنتوا على صالح فسألوه أن يخرج لهم من صخرة ناقةً حمراءَ عُشَرَاءَ ، فقال الله : { إِنَّا مُرْسِلُواْ الناقة فِتْنَةً لَهُمْ } محنةً واختباراً ؛ فقوله : «فتنة » مفعول له ؛ لأن المعجزة فتنة ؛ لأن بها يتميز المُثَابُ من المعذب ، فالمعجزة تصديق ، وحينئذ يفترق المصدِّق من المُكَذِّب .

أو يقال : إخراج الناقة من الصخرة معجزة ، ودورانها بينهم ، وقسمة الماء كان فتنةً ، ولهذا قال : «إنَّا مُرْسِلُواْ » ولم يقل : مُخْرِجُو .

قوله : «فَارْتَقِبْهُمْ » أي انتظر ما يصنعون «وَاصْطَبِرْ » أي اصبر على أَذَاهُمْ وأصل الطاء في «اصْطَبِرْ » «تاء » فتحولت طاءً ، لتكون موافقةً للصاد في الإطباق .