وهكذا يربط نصرهم وهزيمة الكفار بسنته الكونية الثابتة التي لا تتبدل . فأية سكينة ? وأية ثقة ? وأي تثبيت يجده أولئك المؤمنون في أنفسهم ؛ وهم يسمعون من الله أن نصرهم وهزيمة أعدائهم سنة من سننه الجارية في هذا الوجود ?
وهي سنة دائمة لا تتبدل . ولكنها قد تتأخر إلى أجل . ولأسباب قد تتعلق باستواء المؤمنين على طريقهم واستقامتهم الاستقامة التي يعرفها الله لهم . أو تتعلق بتهيئة الجو الذي يولد فيه النصر للمؤمنين والهزيمة للكافرين ، لتكون له قيمته وأثره . أو لغير هذا وذلك مما يعلمه الله . ولكن السنة لا تتخلف . والله أصدق القائلين : ( ولن تجد لسنة الله تبديلا ) . . .
سنة الله : حكم الله وقانونه القديم في نصرة أنبيائه ، قال تعالى : { كتب الله لأغلبن أنا ورسلي . . . } ( المجادلة : 21 ) .
23- { سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا } .
تلك سنة الله ، أي منهجه المطرد ، وقوانينه العادلة ، أن يؤيد الحق وينصر الرسل ، ويبارك المؤمنين إذا أخذوا بالأسباب ، ثم اعتمدوا على الله رب العالمين ، ومن سنة الله هزيمة الكافرين أمام المؤمنين ، وهزيمة أهل الباطل أمام أهل الحق ، وهي سنة قديمة وممتدة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .
{ ولن تجد لسنة الله تبديلا } .
أي ولن تجد أيها العاقل لقانون الله الكوني تغييرا ، لأن الذي وضعه هو خالق هذا الكون ، ورافع السماء وباسط الأرض ، ومسخر السحاب ، ومظلم الليل ومضيء النهار ، ومن قوانينه العادلة نصرة المجاهدين ، ورفع راية أهل الحق ، وهزيمة المبطلين ، فدولة الباطل ساعة ، ودولة الحق إلى قيام الساعة ، والآية تبشر المؤمنين ، وتأخذ بأيديهم إلى الثبات والكفاح والنصر ، كما قال تعالى : { ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين * إنهم لهم المنصورون * وإن جندنا لهم الغالبون } . ( الصافات : 171-173 ) .
ولما كانت هذه عادة جارية قديمة مع أولياء الله تعالى حيثما كانوا من الرسل وأتباعهم ، وأن جندنا لهم الغالبون ، قال تعالى : { سنة الله } أي سن المحيط بهذا الخلق في هذا الزمان وما بعده كما كان محيطاً بالخلق في قديم الدهر ، ولذلك{[60391]} قال : { التي قد خلت } أي سنة مؤكدة لا تتغير ، وأكد الجار لأجل أن-{[60392]} القتال ما وقع الزمان الماضي إلا بعد نزول التوراة فقال : { من قبل } وأما قبل ذلك فإنما كان يحصل الهلاك بأمر من عند الله بغير{[60393]} أيدي المؤمنين { ولن تجد } {[60394]}أيها السامع { لسنة الله } الذي لا يخلف قولاً{[60395]} لأنه محيط بجميع صفات الكمال { تبديلاً * } أي تغيراً من مغير ما ، يغيرها{[60396]} بما يكون بدلها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.