في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡكَفَرَةُ ٱلۡفَجَرَةُ} (42)

( أولئك هم الكفرة الفجرة ) . . الذين لا يؤمنون بالله وبرسالاته ، والذين خرجوا عن حدوده وانتهكوا حرماته . .

وفي هذه الوجوه وتلك قد ارتسم مصير هؤلاء وهؤلاء . ارتسم ملامح وسمات من خلال الألفاظ والعبارات . وكأنما الوجوه شاخصة ، لقوة التعبير القرآني ودقة لمساته .

بذلك يتناسق المطلع والختام . . المطلع يقرر حقيقة الميزان . والختام يقرر نتيجة الميزان . وتستقل هذه السورة القصيرة بهذا الحشد من الحقائق الضخام ، والمشاهد والمناظر ، والإيقاعات والموحيات . وتفي كلها هذا الوفاء الجميل الدقيق . .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡكَفَرَةُ ٱلۡفَجَرَةُ} (42)

المفردات :

غبرة : غبار وكدورة تغشى وجوه الكافرين .

قترة : سواد كالدخان .

الفجرة : واحدهم فاجر ، وهو الخارج عن حدود الله ، المنتهك لحرماته .

التفسير :

40 ، 41 ، 42- ووجوه يومئذ عليها غبرة* ترهقها قترة* أولئك هم الكفرة الفجرة .

هؤلاء هم الذين آثروا حظوظهم العاجلة ، وأترفوا بالشهوات ، وآثروا الحياة الدنيا ، واتّسموا بالطغيان والكفران .

ووجوه يومئذ عليها غبرة .

يعلوها الغبار والسواد ، والمذلة والهوان من هول ما شاهدوا .

ترهقها قترة .

يعلوها سواد وظلمة على الحقيقة ، أو غمّ وحزن على المجاز .

وقيل : لا ترى أقبح من اجتماع الغبار والسواد في الوجه ، بمعنى أن على وجوههم غبارا وكدورة ، فوق غبار وكدورة .

أولئك هم الكفرة الفجرة .

هؤلاء هم الذين كفروا بالله ، وجمعوا بين الكفر والفجور ، وهو ارتكاب المعاصي واقتراف الموبقات ، فاستحقوا أن يتجللوا بالسواد والقتام ، وأن يغشاهم الذل والمهانة ، نظرا لكفرهم وسوء أعمالهم وفجورهم .

اللهم أجرنا من النار ، ومن عذاب النار ، وأدخلنا الجنة مع الأبرار ، بفضلك وكرمك يا عزيز يا غفار ، اللهم آمين .

تم بفضل تفسير سورة ( عبس ) عشية يوم الجمعة 10 من صفر 1422 ه ، الموافق 4 من مايو 2001 ، والحمد لله رب العالمين وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

i تفسير النيسابوري 30/26 .

ii أترى بما أقول بأسا :

رواه الترمذي في تفسير القرآن ( 3331 ) من حديث عائشة بلفظ : أترى بما أقول بأسا ، فيقول : لا ، ففي هذا أنزل . . . الحديث .

iii الماهر بالقرآن مع السفرة :

رواه البخاري في تفسير القرآن ( 4937 ) من حديث عائشة بلفظ : ( مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام . . . ) الحديث .

ورواه مسلم في كتاب صلاة المسافرين ( 798 ) والترمذي في فضائل القرآن ( 2904 ) وأبو داود في الصلاة ( 1454 ) وأحمد في مسنده ( 25764 ) وابن ماجة في الأدب ( 3779 ) من حديث عائشة بلفظ : ( الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة والذي يقرؤه . . . ) الحديث .

iv سلمان منا أهل البيت :

ذكره السيوطي في الجامع الصغير ( 4696 ) ونسبه للطبراني في الكبير ، والحاكم في المستدرك من حديث عمرو بن عوف . وصححه .

v قدمت أنا وأخي من اليمن :

رواه البخاري في المغازي ( 4384 ) ومسلم في كتاب فضائل الصحابة ( 2460 ) والترمذي في المناقب ( 3806 ) من حديث أبي موسى بلفظ : قدمت أنا وأخي من اليمن فكنا حينا وما نرى ابن مسعود . . . الحديث .

vi تحشرون حفاة عراة غرلا :

رواه الترمذي في تفسير القرآن ( 3332 ) من حديث عبد الله بن عباس بلفظ : ( تحشرون حفاة عراة غرلا ) . فقالت امرأة : أيبصر أو يرى بعضنا . . . الحديث .

ورواه البخاري في الرقاق ( 6527 ) ومسلم في الجنة ( 2859 ) والنسائي في الجنائز ( 2083 ) وابن ماجة في الزهد ( 4286 ) وأحمد في مسنده ( 23744 ) من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( تحشرون حفاة عراة غرلا ) . قالت عائشة : فقلت : يا رسول الله ، الرجال والنساء ينظر بعضهم إلى بعض ؟ فقال : ( الأمر أشد من أن يهمهم ذاك ) .

وروى البخاري في أحاديث الأنبياء ( 3349 ) ومسلم في الجنة ( 2860 ) والترمذي في صفة القيامة ( 2423 ) وفي تفسير القرآن ( 3332 ) والنسائي في الجنائز ( 2081 ) والدارمي في الرقاق ( 2802 ) وأحمد في مسنده ( 1916 ، 2097 ) من حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إنكم محشورون حفاة عراة غرلا ) ، ثم قرأ : { كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين } وأول من يكسى يوم القيامة إبراهيم وإن أناسا من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال فأقول : أصحابي أصحابي ، فيقول : إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم ، فأقول كما قال العبد الصالح : { وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني . . . } إلى قوله : { العزيز الحكيم } .

ورواه الدارمي في الرقاق ( 2800 ) من حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له : ما المقام المحمود ؟ قال : ( ذاك يوم ينزل الله تعالى على كرسيه يئط كما يئط الرجل الجديد من تضايقه به وهو كسعة ما بين السماء والأرض ، ويجاء بكم حفاة عراة غرلا فيكون أول من يكسى إبراهيم يقول الله تعالى : اكسوا خليلي فيؤتى بريطتين بيضاوين من رياط الجنة ثم أكسى على إثره ثم أقوم عن يمين الله مقاما يغبطني الأولون والآخرون ) .

vii ربي غضب غضبا لم يغضب قبله مثله :

روى البخاري في أحاديث الأنبياء ( 3340 ) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في دعوة فرفعت إليه الذراع –وكانت تعجبه- فنهس منها نهسة وقال : ( أنا سيد القوم يوم القيامة ، هل تدرون بم يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد فيبصرهم الناظر ويسمعهم الداعي وتدنو منهم الشمس ، فيقول بعض الناس : ألا ترون إلى ما أنتم فيه إلى ما بلغكم ، ألا تنظرون إلى من يشفع لكم إلى ربكم فيقول بعض الناس : أبوكم آدم ، فيأتونه فيقولون : يا آدم ، أنت أبو البشر خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأمر الملائكة فسجدوا لك وأسكنك الجنة ألا تشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه وما بلغنا ، فيقول : ربي غضب غضبا لم يغضب قبله مثله ولا يغضب بعده مثله ، ونهاني عن الشجرة فعصيته ، نفسي نفسي ، اذهبوا إلى غيري ، اذهبوا إلى نوح ، فيأتون نوحا فيقولون : يا نوح ، أنت أول الرسل إلى أهل الأرض وسماك الله عبدا شكورا أما ترى إلى ما نحن فيه ، ألا ترى إلى ما بلغنا ألا تشفع لنا إلى ربك فيقول : ربي غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولا يغضب بعده مثله ، نفسي نفسي ، ائتوا النبي صلى الله عليه وسلم فيأتوني فأسجد تحت العرش فيقول : يا محمد ، ارفع رأسك واشفع تشفع وسل تعطه ) .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡكَفَرَةُ ٱلۡفَجَرَةُ} (42)

وهؤلاء هم الذين تمرّدوا على الله ورسوله { أولئك هُمُ الكفرة الفجرة } فمصيرهم إلى جهنم .

ختام السورة:

إن من طلبَ الحق لوجه الحق وعَمِل به بإيمان وإخلاص فهو الذي يضحك ويستبشر يوم القيامة ،

ومن اتبع هواه وشغل نفسه بتبرير الأهواء ، واحتقر عقله ، ورضي جهلَه ، وشغل نفسه بالجَدَل والمِراء والتماس الحِيَل لتقرير الباطل وترويج الفاسد ( كما كان يفعلُ أعداء الأنبياء ، ولا يزال يأتيه السفهاء لينصروا به إصرار الأغبياء ) ثم يُتْبع ذلك بأعمالٍ تطابق ما يهوى وتخالف ما يقول . . فهو إلى جهنّم . وأن المرء لَيجد الواحد من هذه الفئة يزعم الغيرة على الدين ولا تجدُ عملاً من أعماله ينطبق على ما قرره الدين .

فالدِّين ينهى عن المعاصي وهو يقترفها ، والدين يأمر بصيانة مصالح العامة وهو يفتِكُ بها ويبذّرها لمصلحته الخاصة . والدين يطالب أهله ببذلِ المال في سبيل الخير ، وهو يسلب المالَ ليكنزه ، فإن أنفق منه شيئا صرفه في سبيل الشر . والدينُ يأمر بالعدل وهو أظلمُ الظالمين ، والدين يأمر بالصِدق وهو يكذب ويحبّ الكاذبين .

فمن كان هذا شأنه فماذا يكون حاله يوم يتجلى الجبار ، ويرتفع الستار ! إنه سوف يجد كل شيء على خلاف ما كان يعرفه ، يجد الحقَّ غير ما كان يعتقد ، والباطلَ هو ما كان يعمل . عندئذٍ يتحقق أن ما كان يظنه من العمل خيراً لنفسه صار وبالاً عليها .

فهذا النوع من الناس سوف تخيب آمالهم يوم القيامة ، ويحاسَبون حسابا عسيرا ، ويصدق فيهم قوله تعالى : { وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ ، تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ ، أولئك هُمُ الكفرة الفجرة } ، أعاذنا الله من هول ذلك اليوم ، وهدانا برحمته إلى العمل الصالح .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡكَفَرَةُ ٱلۡفَجَرَةُ} (42)

{ أُولَئِكَ } الذين بهذا الوصف { هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ } أي : الذين كفروا بنعمة الله وكذبوا بآيات الله ، وتجرأوا على محارمه .

نسأل الله العفو والعافية إنه جواد كريم [ والحمد لله رب العالمين ] .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡكَفَرَةُ ٱلۡفَجَرَةُ} (42)

{ أولئك } أهل هذه الحال { هم الكفرة الفجرة }

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡكَفَرَةُ ٱلۡفَجَرَةُ} (42)

" أولئك هم الكفرة " جمع كافر " الفجرة " جمع فاجر ، وهو الكاذب المفتري على الله تعالى . وقيل : الفاسق ، [ يقال ] : فجر فجورا : أي فسق ، وفجر : أي كذب . وأصله : الميل ، والفاجر : المائل . وقد مضى بيانه والكلام فيه . والحمد لله وحده .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡكَفَرَةُ ٱلۡفَجَرَةُ} (42)

ولما كان{[71797]} هذا الأمر{[71798]} هائلاً ، وكان الفاجر ، لما على قلبه من الرين وله من القساوة ، قليل الخوف من الأجل عديم الفكر فيما يأتي به غد{[71799]} لما غلب عليه من الشهوتين : السبعية والبهيمية بخلاف المتقي في كل ذلك ، استأنف الإخبار زيادة في التهويل فقال : { أولئك } أي البعداء{[71800]} البغضاء { هم } أي خاصة {[71801]}لا غيرهم{[71802]} { الكفرة } أي الذين ستروا دلائل إلإيمان { الفجرة * } أي الذين خرجوا عن دائرة الشرع خروجاً فاحشاً حتى كانوا عريقين في ذلك الكفر والفجور ، وهم في الأغلب المترفون{[71803]} الذين يحملهم غناهم على التكبر والأشر والبطر ، فلجمعهم بين الكفر والفجور جمع لهم بين الغبرة والقترة ، كما يكون للزنوج من البقاعة{[71804]} إذا علا وجوههم غبار ووسخ ، فقد عاد آخرها على أولها فيمن يستحق الإعراض عنه ومن يستحق الإقبال عليه - والله الهادي .


[71797]:من ظ و م، وفي الأصل: ذكر.
[71798]:في ظ: أمرا.
[71799]:من ظ و م، وفي الأصل: عدل.
[71800]:من ظ و م، وفي الأصل: بعد.
[71801]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م.
[71802]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م.
[71803]:من ظ و م، وفي الأصل: المترفهون.
[71804]:في ظ: القناعة.