في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَٱلۡعَٰصِفَٰتِ عَصۡفٗا} (2)

والمرسلات عرفا . فالعاصفات عصفا . والناشرات نشرا . فالفارقات فرقا . فالملقيات ذكرا : عذرا أو نذرا . . إن ما توعدون لواقع . .

القضية قضية القيامة التي كان يعسر على المشركين تصور وقوعها ؛ والتي أكدها لهم القرآن الكريم بشتى الموكدات في مواضع منه شتى . وكانت عنايته بتقرير هذه القضية في عقولهم ، ، وإقرار حقيقتها في قلوبهم مسألة ضرورة لا بد منها لبناء العقيدة في نفوسهم على أصولها ، ثم لتصحيح موازين القيم في حياتهم جميعا . فالاعتقاد باليوم الآخر هو حجر الأساس في العقيدة السماوية ، كما أنه حجر الأساس في تصور الحياة الإنسانية . وإليه مرد كل شيء في هذه الحياة ، وتصحيح الموازين والقيم في كل شأن من شؤونها جميعا . . ومن ثم اقتضت هذا الجهد الطويل الثابت لتقريرها في القلوب والعقول .

والله سبحانه يقسم في مطلع هذه السورة على أن هذا الوعد بالآخرة واقع . وصيغة القسم توحي ابتداء بأن ما يقسم الله به هو من مجاهيل الغيب ، وقواه المكنونة ، المؤثرة في هذا الكون وفي حياة البشر . وقد اختلف السلف في حقيقة مدلولها . فقال بعضهم : هي الرياح إطلاقا . وقال بعضهم هي الملائكة إطلاقا . وقال بعضهم : إن بعضها يعني الرياح وبعضها يعني الملائكة . . مما يدل على غموض هذه الألفاظ ومدلولاتها . وهذا الغموض هو أنسب شيء للقسم بها على الأمر الغيبي المكنون في علم الله . وأنه واقع كما أن هذه المدلولات المغيبة واقعة ومؤثرة في حياة البشر .

( والمرسلات عرفا ) . . عن أبي هريرة أنها الملائكة . وروي مثل هذا عن مسروق وأبي الضحى ومجاهد في إحدى الروايات ، والسدي والربيع بن أنس ، وأبي صالح في رواية [ والمعنى حينئذ هو القسم بالملائكة المرسلة أرسالا متوالية ، كأنها عرف الفرس في إرسالها وتتابعها ] .

وهكذا قال أبو صالح في العاصفات والناشرات والفارقات والملقيات . . إنها الملائكة .

وروي عن ابن مسعود . . المرسلات عرفا . قال : الريح . [ والمعنى على هذا أنها المرسلة متوالية كعرف الفرس في امتدادها وتتابعها ] وكذا قال في العاصفات عصفا والناشرات نشرا . وكذلك قال ابن عباس ومجاهد وقتادة وأبو صالح في رواية .

وتوقف ابن جرير في المرسلات عرفا هل هي الملائكة أو الرياح . وقطع بأن العاصفات هي الرياح . وكذلك الناشرات التي تنشر السحاب في آفاق السماء .

وعن ابن مسعود : ( فالفارقات فرقا فالملقيات ذكرا ، عذرا أو نذرا )يعني الملائكة . وكذا قال : ابن عباس ومسروق ومجاهد وقتادة والربيع بن أنس والسدي والثوري بلا خلاف . فإنها تنزل بأمر الله على الرسل ، تفرق بين الحق والباطل . وتلقي إلى الرسل وحيا فيه إعذار إلى الخلق وإنذار .

ونحن نلمح أن التهويل بالتجهيل ملحوظ في هذه الأمور المقسم بها كالشأن في الذاريات ذروا . وفي النازعات غرقا . . وأن هذا الخلاف في شأنها دليل على إبهامها . وأن هذا الإبهام عنصر أصيل فيها في موضعها هذا . وأن الإيحاء المجمل في التلويح بها هو أظهر شيء في هذا المقام . وأنها هي بذاتها تحدث هزة شعورية بإيحاء جرسها وتتابع إيقاعها ، والظلال المباشرة التي تلقيها . وهذه الانتفاضة والهزة اللتان تحدثهما في النفس هما أليق شيء بموضوع السورة واتجاهها . . وكل مقطع من مقاطع السورة بعد ذلك هو هزة ، كالذي يمسك بخناق أحد فيهزه هزا ، وهو يستجوبه عن ذنب ، أو عن آية ظاهرة ينكرها ، ثم يطلقه على الوعيد والتهديد : ( ويل يومئذ للمكذبين ) . .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{فَٱلۡعَٰصِفَٰتِ عَصۡفٗا} (2)

القسم ومشاهد القيامة

بسم الله الرحمان الرحيم

{ والمرسلات عرفا 1 فالعاصفات عصفا 2 والنّاشرات نشرا 3 فالفارقات فرقا 4 فالملقيات ذكرا 5 عذرا أو نذرا 6 إنما ما توعدون لواقع 7 فإذا النجوم طمست 8 وإإذا السماء فرجت 9 وإذا الجبال نسفت 10 وإذا الرسل أقّتت 11 لأيّ يوم أجّلت 12 ليوم الفصل 13 وما أرداك ما يوم الفصل 14 ويل يومئذ للمكذبين 15 }

المفردات :

المرسلات : الملائكة الذين أرسلهم الله لإيصال النعمة إلى قوم ، والنقمة إلى آخرين ، وقيل : الريح .

عرفا : متتابعة بعضها في إثر بعض كعرف الديك ، وقيل : عرفا للمعروف والإحسان .

فالعاصفات : الريح الشديدة ، أو المبعدات للباطل .

الناشرات نشرا : الملائكة الناشرات لأجنحتها ، عند نزولها إلى الأرض .

1

التفسير :

1 ، 2 ، 3- والمرسلات عرفا* فالعاصفات عصفا* والنّاشرات نشرا .

تعدّدت الآراء في المراد بالقسم في صدر سورة المرسلات ، وأهم الآراء أربعة :

الأول : الرياح .

الثاني : الملائكة .

الثالث : طوائف الأنبياء الذين أرسلوا بالوحي المحقق لكل خير .

الرابع : أقسم في الآيات الثلاث الأولى الرياح ، وفي الآيات التالية بالملائكة .

والمعنى على أن المقصود بالآيات الثلاث الأولى الرياح كالآتي :

أقسم بالرياح المرسلة متتابعة كعرف الفرس ، إذا ذهبت شيئا فشيئا ، وبالرياح التي ترسل عاصفة لما أمرت به من نعمة ونقمة .

قال تعالى : ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها . . . ( الأنبياء : 81 ) .

كما ترسل الريح للعذاب ، قال تعالى : فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا . . . ( فصلت : 16 ) .

والنّاشرات نشرا .

وأقسم بالرياح التي تنشر السحاب ، وتفرّقه في آفاق السماء ، كما يشاء الرب عز وجل .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{فَٱلۡعَٰصِفَٰتِ عَصۡفٗا} (2)

العاصفات : الرياح الشديدة ، عصفت الريح عصفا وعصوفا اشتد هبوبها .

ومنهم الذين يعصِفون ما سوى الحق ويُبعدونه كما تُبعِد العواصف التراب وغيره .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَٱلۡعَٰصِفَٰتِ عَصۡفٗا} (2)

{ فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا } وهي [ أيضا ] الملائكة التي يرسلها الله تعالى وصفها بالمبادرة لأمره ، وسرعة تنفيذ أوامره ، كالريح العاصف ، أو : أن العاصفات ، الرياح الشديدة ، التي يسرع هبوبها .