في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَإِنَّ ٱلۡجَنَّةَ هِيَ ٱلۡمَأۡوَىٰ} (41)

وكتب له بهذا الجهاد الشاق ، الجنة مثابة ومأوى : ( فإن الجنة هي المأوى ) . . ذلك أن الله يعلم ضخامة هذا الجهاد ؛ وقيمته كذلك في تهذيب النفس البشرية وتقويمها ورفعها إلى المقام الأسنى .

إن الإنسان إنسان بهذا النهي ، وبهذا الجهاد ، وبهذا الإرتفاع . وليس إنسانا بترك نفسه لهواها ، وإطاعة جواذبه إلى دركها ، بحجة أن هذا مركب في طبيعته . فالذي أودع نفسه الاستعداد لجيشان الهوى ، هو الذي أودعها الاستعداد للإمساك بزمامه ، ونهى النفس عنه ، ورفعها عن جاذبيته ؛ وجعل له الجنة جزاء ومأوى حين ينتصر ويرتفع ويرقى .

وهنالك حرية إنسانية تليق بتكريم الله للإنسان . تلك هي حرية الإنتصار على هوى النفس والانطلاق من أسر الشهوة ، والتصرف بها في توازن تثبت معه حرية الاختيار والتقدير الإنساني . وهنالك حرية حيوانية ، هي هزيمة الإنسان أمام هواه ، وعبوديته لشهوته ، وانفلات الزمام من إرادته . وهي حرية لا يهتف بها إلا مخلوق مهزوم الإنسانية مستعبد يلبس عبوديته رداء زائفا من الحرية !

إن الأول هو الذي ارتفع وارتقى وتهيأ للحياة الرفيعة الطليقة في جنة المأوى . أما الآخر فهو الذي ارتكس وانتكس وتهيأ للحياة في درك الجحيم حيث تهدر إنسانيته ، ويرتد شيئا توقد به النار التي وقودها الناس - من هذا الصنف - والحجارة !

وهذه وتلك هي المصير الطبيعي للارتكاس والارتقاء في ميزان هذا الدين الذي يزن حقيقة الأشياء . .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{فَإِنَّ ٱلۡجَنَّةَ هِيَ ٱلۡمَأۡوَىٰ} (41)

التفسير :

40 ، 41- وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى* فإن الجنة هي المأوى .

من راقب الله ، واتّبع أوامره ، واجتنب نواهيه ، وتذكّر الوقوف أمامه للحساب والجزاء ، فآثر الآخرة على الدنيا ، ونهى نفسه عن هواها ، ومشتهايتها من الزنا أو السرقة أو الخمر أو أيّ معصية ، فإن مآله الجنة ، هي مأواه ومستقره ، يقيم فيها خالدا مخلّدا أبدا ، يتمتع فيها بالنعيم المقيم ، ورضوان الله رب العالمين .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَإِنَّ ٱلۡجَنَّةَ هِيَ ٱلۡمَأۡوَىٰ} (41)

{ فَإِنَّ الْجَنَّةَ } [ المشتملة على كل خير وسرور ونعيم ] { هِيَ الْمَأْوَى } لمن هذا وصفه .

   
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فَإِنَّ ٱلۡجَنَّةَ هِيَ ٱلۡمَأۡوَىٰ} (41)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 40]

وقوله:"وأمّا مَنْ حافَ مَقامَ رَبّهِ ونَهَى النّفْسَ عَنِ الهَوَى "يقول: وأما من خاف مسألة الله إياه عند وقوفه يوم القيامة بين يديه، فاتقاه، بأداء فرائضه، واجتناب معاصيه "ونَهَى النّفْسَ عَنِ الهَوَى" يقول: ونهى نفسه عن هواها فيما يكرهه الله، ولا يرضاه منها، فزجرها عن ذلك، وخالف هواها إلى ما أمره به ربه "فإنّ الجَنّةَ هِيَ المَأْوَى" يقول: فإن الجنة هي مأواه ومنزله يوم القيامة.

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

منقلبه ومصيره ومرجعه إلى الجنة الفيحاء...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{فإن الجنة} أي البستان الجامع لكل ما يشتهي {هي} أي خاصة {المأوى} أي له، لا يأوي إلى غيرها، وهذا حال المراقبين...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

والتعريف في {المأوى} الأول والثاني تعريف العهد، أي مأوَى من طغى، ومأوى من خَاف مقام ربه، وهو تعريف مُغْنٍ عن ذكر ما يضاف إليه {مأوى} ومثله شائع في الكلام كما في قوله: غُضَّ الطرف، أي الطرف المعهود من الأمر، أي غض طرفك. وقوله: واملأ السمعَ، أي سمعك...

والمأوى: اسم مكان من أوَى، إذا رجع، فالمراد به: المقر والمسكن لأن المرء يذهب إلى قضاء شؤونه ثم يرجع إلى مسكنه. و {مقام ربه} مجاز عن الجلال والمهابة وأصل المقام مكان القيام فكان أصله مكان ما يضاف هو إليه، ثم شاع إطلاقه على نفس ما يضاف إليه على طريقة الكناية بتعظيم المكان عن تعظيم صاحبه...

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{فَإِنَّ ٱلۡجَنَّةَ هِيَ ٱلۡمَأۡوَىٰ} (41)

" فإن الجنة هي المأوى " أي المنزل . والآيتان نزلتا في مصعب بن عمير وأخيه عامر بن عمير ، فروى الضحاك عن ابن عباس قال : أما من طغى فهو أخ لمصعب بن عمير أسر يوم بدر ، فأخذته الأنصار فقالوا : من أنت ؟ قال : أنا أخو مصعب بن عمير ، فلم يشدوه في الوثاق ، وأكرموه وبيتوه عندهم ، فلما أصبحوا حدثوا مصعب بن عمير حديثه ، فقال : ما هو لي بأخ ، شدوا أسيركم ، فإن أمه أكثر أهل البطحاء حليا ومالا . فأوثقوه حتى بعثت أمه في فدائه . " وأما من خاف مقام ربه " فمصعب بن عمير ، وقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه يوم أحد حين تفرق الناس عنه ، حتى نفذت المشاقص في جوفه . وهي السهام ، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم متشحطا في دمه قال : ( عند الله أحتسبك ) وقال لأصحابه : ( لقد رأيته وعليه بردان ما تعرف قيمتهما وإن شراك نعليه من ذهب ) . وقيل : إن مصعب بن عمير قتل أخاه عامرا يوم بدر . وعن ابن عباس أيضا قال : نزلت هذه الآية في رجلين : أبي جهل بن هشام المخزومي ومصعب بن عمير العبدري . وقال السدي : نزلت هذه الآية " وأما من خاف مقام ربه " في أبي بكر الصديق رضي الله عنه . وذلك أن أبا بكر كان له غلام يأتيه بطعام ، وكان يسأله من أين أتيت بهذا ، فأتاه يوما بطعام فلم يسأل وأكله ، فقال له غلامه : لم لا تسألني اليوم ؟ فقال : نسيت ، فمن أين لك هذا الطعام . فقال : تكهنت لقوم في الجاهلية فأعطونيه . فتقايأه من ساعته وقال : يا رب ما بقي في العروق فأنت حبسته فنزلت : " وأما من خاف مقام ربه " . وقال الكلبي : نزلت في من هم بمعصية وقدر عليها في خلوة ثم تركها من خوف الله . ونحوه عن ابن عباس . يعني من خاف عند المعصية مقامه بين يدي الله ، فانتهى عنها . والله أعلم .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَإِنَّ ٱلۡجَنَّةَ هِيَ ٱلۡمَأۡوَىٰ} (41)

ولما كان مقام ترغيب ، ربط الجزاء بالعمل كما صنع في الترهيب فقال وأكد لأجل تكذيب الكفار : { فإن الجنة } أي البستان الجامع لكل ما يشتهي { هي } أي خاصة { المأوى * } أي له{[71547]} ، لا يأوي إلى غيرها{[71548]} ، وهذا حال المراقبين .


[71547]:زيد في الأصل: أي، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[71548]:زيد في الأصل: أبد الأبدين، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.