إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{فَإِنَّ ٱلۡجَنَّةَ هِيَ ٱلۡمَأۡوَىٰ} (41)

{ فَإِنَّ الجنة هِيَ المأوى } لهُ لا غيرُهَا وقيلَ : نزلتْ الآيتانِ في أبِي عزيزِ بنِ عميرٍ ومصعب بنِ عميرٍ وقد قتلَ مصعبٌ أخاهُ أبا عزيزٍ يومَ أحدٍ ووقَى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم حتى استُشهدَ رضيَ الله عنْهُ هذا وقد قيلَ : جوابُ إذَا مَا يدلُّ عليهِ قولُه تعالَى : { يَوْمَ يَتَذَكَّرُ } [ سورة النازعات ، الآية 35 ] الخ ، أيْ فإذَا جاءتِ الطامةُ الكُبْرى يتذكرُ الإنسانُ ما سَعَى على طريقةِ قولِه تعالَى : { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ } [ سورة التكوير ، الآية 14 ] وقوله تعالى : { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأخّرَتْ } [ سورة الانفطار ، الآية 5 ] فيكونُ قولُه تعالَى : { وَبُرزَتِ الجحيم } [ سورة الشعراء ، الآية 91 وسورة النازعات ، الآية 36 ] عطفاً عليهِ ، وصيغةُ الماضِي للدلالةِ على التحققِ ، أو حالاً من الإنسانِ بإضمارِ قدْ ، أو بدونِه على اختلافِ الرأيينِ ، ولمنْ يَرَى مغنٍ عن العائدِ . وقولُه تعالى : { فَأَمَّا مَن طغى } [ سورة النازعات ، الآية 37 ] الخ ، تفصيلاً لحالَيْ الإنسانِ الذي يتذكرُ ما سَعَى وتقسيماً لهُ بحسبِ أعمالِه إلى القسمينِ المذكورينِ .