اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَإِنَّ ٱلۡجَنَّةَ هِيَ ٱلۡمَأۡوَىٰ} (41)

قوله : { فَإِنَّ الجنة هِيَ المأوى } أي : المنزل ، نزلت لآيتان في مصعبِ بن عميرٍ ، وأخيه عامرِ بنِ عميرٍ{[59326]} .

ورى الضحاك عن ابن عباس - رضي الله عنهم - أمَّا من طغى فهو أخٌ لمصعب بن عمير ، أسر يوم بدر ، فأخذته الأنصار ، فقالوا : من أنت ؟ قال : أنا أخو مصعب بن عمير فلم يشدوه في الوثاق ، وأكرموه ، وبيتوه عندهم ، فلمَّا أصبحُوا حدَّثوا مصعب بن عمير حديثه ، فقال : ما هو لي بأخ ، شدُّوا أسيركم ، فإنَّ أمَّه أكثر أهل البطحاءِ حلياً ومالاً ، فأوثقوه حتى بعثت أمه في فدائه{[59327]} .

{ وأمَّا من خَاف مَقامَ ربِّهِ } فمصعب بن عمير ، وَقَى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه يوم «أحُدٍ » حين تفرَّق الناس عنه ، حتى نفذت المشاقص في جوفه ، وهي السِّهام ، فلما رأه رسول الله صلى الله عليه وسلم مشحطاً في دمهِ ، قال : «عِندَ اللهِ أحْتسبهُ » . وقال صلى الله عليه وسلم لأصحابه : «لَقِدْ رأيْتهُ وعَليْهِ بُرْدَانِ ما تُعرفُ قيمتُهما وإنَّ شِراكَ نَعْليهِ مِنْ ذَهَبٍ » .

وعن ابن عباس : - رضي الله عنهما - «نزلت هذه الآية في رجلين : أبو جهل بن هشام ، ومصعب بن عمير »{[59328]} .

وقال السديُّ : نزل قوله تعالى : { وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ } في أبي بكرٍ الصديق رضي الله عنه{[59329]} .

وقال الكلبيُّ : هما عامَّتان .


[59326]:قال الحافظ ابن حجر في "تخريج الكشاف" (4/698): لم أجده.
[59327]:ذكره القرطبي في "تفسيره" (19/135)، من طريق الضحاك عن ابن عباس.
[59328]:ينظر المصدر السابق.
[59329]:ينظر المصدر السابق.