في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{حَتَّىٰٓ أَتَىٰنَا ٱلۡيَقِينُ} (47)

والمجرمون يقولون : إننا ظللنا على هذه الأحوال ، لا نصلي ، ولا نطعم المسكين ، ونخوض مع الخائضين ، ونكذب بيوم الدين . .

( حتى أتانا اليقين ) . . الموت الذي يقطع كل شك وينهي كل ريب ، ويفصل في الأمر بلا مرد . . ولا يترك مجالا لندم ولا توبة ولا عمل صالح . . بعد اليقين . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{حَتَّىٰٓ أَتَىٰنَا ٱلۡيَقِينُ} (47)

وقوله : وكُنّا نُكَذّبُ بِيَوْم الدّين يقول تعالى ذكره : قالوا : وكنا نكذّب بيوم المجازاة والثواب والعذاب ، ولا نصدّق بثواب ولا عقاب ولا حساب حتى أتانا اليَقِينُ يقول : قالوا : حتى أتانا الموت الموقن به فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشّافِعِينَ يقول : فما يشفع لهم الذين شفعهم الله في أهل الذنوب من أهل التوحيد ، فتنفعهم شفاعتهم . وفي هذه الاَية دلالة واضحة على أن الله تعالى ذكره مشفعٌ بعضَ خلقه في بعض . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، قال : حدثنا أبو الزعراء ، عن عبد الله في قصة ذكرها في الشفاعة ، قال : ثم تشفع الملائكة والنبيون والشهداء والصالحون والمؤمنون ، ويشفعهم الله فيقول : أنا أرحم الراحمين ، فيخرج من النار أكثر مما أخرج من جميع الخلق من النار ثم يقول : أنا أرحم الراحمين ثم قرأ عبد الله : يا أيها الكفار ما سَلَكَكُمْ في سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ المُصَلّينَ ولَمْ نَكُ نُطْعِمُ المِسْكِينَ وكُنّا نَخُوضُ مَعَ الخائِضِينَ وكُنّا نُكَذّبُ بِيَوْم الدّين وعقد بيده أربعا ، ثم قال : هل ترون في هؤلاء من خير ، ألا ما يُترك فيها أحد فيه خير .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا ابن إدريس ، قال : سمعت عمي وإسماعيل بن أبي خالد ، عن سلمة بن كهيل ، عن أبي الزعراء ، قال : قال عبد الله : لا يبقى في النار إلا أربعة أو ذو الأربعة . الشكّ من أبي جعفر الطبري ثم يتلو : ما سَلَكَكُمْ في سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ المُصَلّينَ ولَمْ نَكُ نُطْعِمُ المِسْكِينَ وكُنّا نَخُوضُ مَعَ الخائِضِينَ وكُنّا نُكَذّبُ بِيَوْم الدّينِ .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشّافِعِينَ تعلمن أن الله يشفع المؤمنين يوم القيامة . ذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : «إنّ مِنْ أُمّتِي رجُلاً يُدْخِلُ اللّهُ بِشَفاعَتِهِ الجَنّةَ أكْثَرَ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ » . قال الحسن : أكثر من ربيعة ومضر ، كنا نحدّث أن الشهيد يشفع في سبعين من أهل بيته .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور عن معمر ، عن قتادة فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشّافِعِينَ قال : تعلمن أن الله يشفع بعضهم في بعض .

قال : ثنا أبو ثور ، قال معمر : وأخبرني من سمع أنس بن مالك يقول : إن الرجل ليشفع للرجلين والثلاثة والرجل .

قال : ثنا أبو ثور ، عن معمر ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، قال : يدخل الله بشفاعة رجل من هذه الأمة الجنة مثل بني تميم ، أو قال : أكثر من بني تميم ، وقال الحسن : مثل ربيعة ومضر .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{حَتَّىٰٓ أَتَىٰنَا ٱلۡيَقِينُ} (47)

و { اليقين } معناه عندي صحة ما كانوا يكذبون به من الرجوع إلى الله تعالى والدار الآخرة ، وقال المفسرون : { اليقين } الموت ، وذلك عندي هنا متعقب لأن نفس الموت يقين عند الكافر وهو حي ، فإنما { اليقين } الذي عنوا في هذه الآية الشيء الذي كانوا يكذبون به وهم أحياء في الدنيا فتيقنوه بعد الموت . وإنما يتفسر اليقين بالموت في قوله تعالى : { واعبد ربك حتى يأتيك اليقين }{[11450]} [ الحجر : 99 ] .


[11450]:الآية 99 من سورة الحجر.