تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لِمِثۡلِ هَٰذَا فَلۡيَعۡمَلِ ٱلۡعَٰمِلُونَ} (61)

{ لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ } فهو أحق ما أنفقت فيه نفائس الأنفاس وأولى ما شمر إليه العارفون الأكياس ، والحسرة كل الحسرة ، أن يمضي على الحازم ، وقت من أوقاته ، وهو غير مشتغل بالعمل ، الذي يقرب لهذه الدار ، فكيف إذا كان يسير بخطاياه إلى دار البوار ؟ "

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{لِمِثۡلِ هَٰذَا فَلۡيَعۡمَلِ ٱلۡعَٰمِلُونَ} (61)

وقول المؤمن { أفما نحن } إلى قوله { بمعذبين } يحتمل أن يكون مخاطبة لرفقائه في الجنة لما رأى ما نزل بقرينه ، ونظر إلى حاله في الجنة وحال رفقائه قدر النعمة قدرها فقال لهم على جهة التوقيف على النعمة { أفما نحن بميتين } ولا معذبين ، ويجيء على هذا التأويل قوله { إن هذا لهو الفوز العظيم } إلى قوله { العاملون } ، متصلاً بكلامه خطاباً لرفقائه ، ويحتمل قوله { أفما نحن } إلى قوله { بمعذبين } أن تكون مخاطبة لقرينه على جهة التوبيخ ، كأنه يقول أين الذي كنت تقول من أنا نموت وليس بعد الموت عقاب ولا عذاب .

ويكون قوله تعالى : { إن هذا لهو الفوز } إلى { العاملون } يحتمل أن يكون من خطاب المؤمن لقرينه ، وإليه ذهب قتادة ، ويحتمل أن يكون من خطاب الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم وأمته ويقوى هذا لأن قول المؤمن لمثل هذا فليعمل ، والآخرة ليست بدار عمل يقلق إلا على تجوز كأنه يقول لمثل هذا كان ينبغي أن يعمل { العاملون } .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{لِمِثۡلِ هَٰذَا فَلۡيَعۡمَلِ ٱلۡعَٰمِلُونَ} (61)

هذا تذييل لحكاية حال عباد الله المخلصين فهو كلام من جانب الله تعالى للتنويه بما فيه عباد الله المخلصون ، وللتحريض على العمل بمثل ما عمِلوه مما أوجب لهم إخلاصَ الله إياهم ، فالإِشارة في قوله : { لمِثلِ هذا } إلى ما تضمنه قوله : { أولئك لهم رِزقٌ معلوم } [ الصافات : 41 ] الآيات ، أي لمثل نعيمهم وأنسهم ومسرتهم ولذّاتهم وبهجتهم وخلود ذلك كله .

والمراد بمثله : نظيره من نعيممٍ لِمخلصين آخرين . والمراد بالعاملين : الذين يعملون الخير ويسيرون على ما خطّت لهم شريعة الإِسلام ، فحذف مفعول « يعمل » اختصاراً لظهوره من المقام .

واللام في { لِمِثْلِ } لام التعليل . وتقديم المجرور على عامله لإِفادة القصر ، أي لا لعمل غيره ، وهو قصر قلب للرد على المشركين الذين يحسبون أنهم يعملون أعمالاً صالحة يتفاخرون بها من الميْسر ، قال تعالى : { قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً } [ الكهف : 103 - 104 ] .

والمعنى : لنوال مثل هذا ، فحذف مضاف لدلالة اللام على معناه .

والفاء للتفريع على مضمون القصة المذكورة قبلها من قوله : { إلاَّ عِبَادَ الله المُخلصين } [ الصافات : 40 ] الآيات .

والأمر في { فليعمل } للإِرشاد الصادق بالواجبات والمندوبات .