تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{سَيَقُولُونَ لِلَّهِۚ قُلۡ فَأَنَّىٰ تُسۡحَرُونَ} (89)

{ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ } أي : سيقرون أن الله المالك لكل شيء ، المجير ، الذي لا يجار عليه .

{ قُلْ } لهم حين يقرون بذلك ، ملزما لهم ، { فَأَنَّى تُسْحَرُونَ } أي : فأين تذهب عقولكم ، حيث عبدتم من علمتم أنهم لا ملك لهم ، ولا قسط من الملك ، وأنهم عاجزون من جميع الوجوه ، وتركتم الإخلاص للمالك العظيم القادر المدبر لجميع الأمور ، فالعقول التي دلتكم على هذا ، لا تكون إلا مسحورة ، وهي - بلا شك- قد سحرها الشيطان ، بما زين لهم ، وحسن لهم ، وقلب الحقائق لهم ، فسحر عقولهم ، كما سحرت السحرة أعين الناس .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{سَيَقُولُونَ لِلَّهِۚ قُلۡ فَأَنَّىٰ تُسۡحَرُونَ} (89)

فوقع التوبيخ بعد في غاية البلاغة بقوله { فأنى تسحرون } ومعنى { أنى } كيف ومن أين ، وفي هذا تقرير سحرهم وهو سؤال عن الهيئة التي سحروا بها ، والسحر هنا مستعار لهم وهو تشبيه لما وقع منهم من التخليط ووضع الأفعال والأقوال غير مواضعها بما يقع من المسحور عبر عنهم بذلك ، وقالت فرقة { تسحرون } معناه تمنعون ، وحكى بعضهم ذلك لغة ، وقرأ ابن محيصن «العظيمُ » برفع الميم { ملكوت } مصدر في بناء مبالغة{[8532]} والإجارة المنع من الإنسان والمعنى أن الله إذا منع أحداً فلا يقدر عليه ، وإذا أراد أحداً فلا مانع له ، وكذلك في سائر قدرته وما نفذ من قضائه لا يعارض ذلك الشيء ولا يحيله عن مجراه .


[8532]:وهو كالجبروت والرهبوت.