الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{سَيَقُولُونَ لِلَّهِۚ قُلۡ فَأَنَّىٰ تُسۡحَرُونَ} (89)

وقوله سبحانه : { قُل لِّمَنِ الأرض وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ * قُلْ مَن رَّبُّ السموات السبع وَرَبُّ العرش العظيم * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ * قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيِرُ وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ } [ المؤمنون : 84 إلى 89 ] .

أَمَر اللَّه تعالى نَبِيَّهُ عليه السلام بتوقيفهم على هذه الأشياء التي لا يمكنهم إلاَّ الإقرارُ بها ، ويلزم من الإقرار بها توحيدُ اللَّه وإذعانهم لشرعه ورسالة رسله ، وقرأ الجميع في الأَوَّل : «للَّه » بلا خلاف ، واخْتُلِفَ في الثاني والثالث ، فقرأ أبو عمرو وحدَه : «اللَّه » جواباً على اللفظ ، وقرأ باقي السبعة : «للَّه » جواباً على المعنى ، كأنه قال في السؤال : لمن ملك السموات السبع ؟

وقوله سبحانه : { فَأَنَّى تُسْحَرُونَ } [ المؤمنون : 89 ] استعارة وتشبيه لما وقع منهم من التخليط وَوَضْعِ الأفعالِ والأَقوالِ غيرِ مواضعها ما يقع من المسحور عَبَّرَ عنهم بذلك ، وقالتَ فرقة : { تُسْحَرُونَ } معناه : تمنعون ، وحكى بعضهم ذلك لُغَةً ، والإجارة : المنع ، والمعنى : إنَّ اللَّه تعالى إذا أراد منع أحد فلا يقدر عليه ، وإذا أراد أخذَه فلا مانِعَ له .