تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمَا يَسۡتَوِي ٱلۡأَعۡمَىٰ وَٱلۡبَصِيرُ} (19)

{ 19 - 24 } { وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ * وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ * وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ * وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ * إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ * إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ }

يخبر تعالى أنه لا يتساوى الأضداد في حكمة اللّه ، وفيما أودعه في فطر عباده . { وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى } فاقد البصر { وَالْبَصِير }

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَمَا يَسۡتَوِي ٱلۡأَعۡمَىٰ وَٱلۡبَصِيرُ} (19)

قوله تعالى : { وما يستوي الأعمى والبصير } يعني : الجاهل والعالم . وقيل : الأعمى عن الهدى والبصير بالهدى ، أي : المؤمن والمشرك .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَمَا يَسۡتَوِي ٱلۡأَعۡمَىٰ وَٱلۡبَصِيرُ} (19)

ولما كان التقدير : فما يستوي في الطبع والعقل المتدسي الذي هو أعمى بعصيانه في الظلمات ولا المتزكي الذي هو بطاعاته بصير في النور وإن استويا في الإنسانية ، عطف عليه ما يصلح أمثلة للمتدسي والمتزكي وما يكون به التدسية والتزكية ، دلالة على تمام قدرته الذي السياق له من أول السورة ، وتقريراً لأن الخشية والقسوة بيده إبطالاً لقول من يسند الأمور إلى الطبائع قوله : { وما يستوي } أي في حالة من الأحوال . ولما كان المقام لوعظ المشركين ، وكان المتدسي قبل المتزكي على ما قرر قبله ، ناسب أن ينظم على هذا الترتيب قوله مثالاً للكافر والمؤمن والجاهل والعالم ، وقدم مثال الجاهل لأن الأصل عن الإرسال الجهل : { الأعمى والبصير * } أي لا الصنفان ولا أفرادهما ولا أفراد صنف منهما ، وأغنى عن إعادة النافي ظهور المفاوتة بين أفراد كل صنف من الصنفين ، فالمعنى أن الناس غير مستوين في العمى والبصر بل بعضهم أعمى وبعضهم بصير ، لأن افتعل هنا لمعنى تفاعل ، ولعله عبر به دلالة على النفي ولو وقع اجتهاد في أن لا يقع ، أو دلالة على أن المنفي إنما هو التساوي من كل جهة ، لا في أصل المعنى ولو كان ذلك مستنداً إلى الطبع لكانوا على منهاج واحد بل وأفراد كل متفاوتون فتجد بعض العمى يمشي بلا قائد في الأزقة المشكلة ، وآخر لا يقدر على المشي في بيته إلا بقائد ، وآخر يدرك من الكتاب إذا جسه كم مسطرته من سطر ، وهل خطه حسن أو لا ، وآخر يدرك الدرهم الزيف من غيره ، ويميز ضرب كل بلد من غيره ، وربما نازعه أحد مغالطة فلا يقبل التشكيك ، وآخر في غاية البعد عن ذلك ، وأما البصراء فالأمر فيهم واضح في المفاوتة في أبصارهم وبصائرهم ، وكل ذلك دليل واضح على أن الفاعل قادر مختار يزيد في الخلق ما يشاء ، وإلا لتساوت الأفراد فكانوا على منهاج واحد .