تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لَيُدۡخِلَنَّهُم مُّدۡخَلٗا يَرۡضَوۡنَهُۥۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٞ} (59)

ويكون على هذا القول ، قوله : { لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ } إما ما يفتحه الله عليهم من البلدان ، خصوصا فتح مكة المشرفة ، فإنهم دخلوها في حالة الرضا والسرور ، وإما المراد به رزق الآخرة ، وأن ذلك دخول الجنة ، فتكون الآية جمعت بين الرزقين ، رزق الدنيا ، ورزق الآخرة ، واللفظ صالح لذلك كله ، والمعنى صحيح ، فلا مانع من إرادة الجميع { وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ } بالأمور ، ظاهرها ، وباطنها ، متقدمها ، ومتأخرها ، { حَلِيمٌ } يعصيه الخلائق ، ويبارزونه بالعظائم ، وهو لا يعاجلهم بالعقوبة مع كمال اقتداره ، بل يواصل لهم رزقه ، ويسدي إليهم فضله .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{لَيُدۡخِلَنَّهُم مُّدۡخَلٗا يَرۡضَوۡنَهُۥۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٞ} (59)

{ لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلا ] {[20391]} يَرْضَوْنَهُ } فما تبتغي{[20392]} أيها العبد إذا أدخلت مدخلا ترضاه ورزقت رزقًا حسنًا ، والله ما أبالي من أي حفرتيهما بعثت .

ورواه ابن جرير ، عن يونس بن عبد الأعلى ، عن ابن وهب ، أخبرني عبد الرحمن بن شُرَيْح ، عن سلامان بن عامر قال : كان فضالة برودس أميرًا على الأرباع ، فخرج بجنازتي رجلين ، أحدهما قتيل{[20393]} والآخر متوفى . . . فذكر نحو ما تقدم{[20394]} .


[20391]:- زيادة من ف ، وفي ت : "إلى قوله".
[20392]:- في أ : "ينبغي".
[20393]:- في أ : "قتل".
[20394]:- تفسير الطبري (17/136).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{لَيُدۡخِلَنَّهُم مُّدۡخَلٗا يَرۡضَوۡنَهُۥۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٞ} (59)

جملة { ليدخلنهم مدخلاً يرضونه } بدل من جملة { ليرزقنهم الله رزقاً حسناً } ، وهي بدل اشتمال ، لأن كرامة المنزل من جملة الإحسان في العطاء بل هي أبهج لدى أهل الهمم ، ولذلك وصف المدخل ب { يرضونه } .

ووقعت جملة { وإن الله لهو خير الرازقين } معترضة بين البدل والمبدل منه ، وصريحها الثناء على الله . وكنايتُها التعريض بأن الرزق الذي يرزقهم الله هو خير الأرزاق لصدوره من خير الرازقين .

وأكدت الجملة بحرف التوكيد ولامه وضمير الفصل تصويراً لعظمة رزق الله تعالى . وجملة : { وإن الله لعليم حليم } تذييل ، أي عليم بما تجشموه من المشاق في شأن هجرتهم من ديارهم وأهلهم وأموالهم ، وهو حليم بهم فيما لاقَوه فهو يجازيهم بما لقُوه من أجله . وهذه الآية تبيّن مزية المهاجرين في الإسلام .

وقرأ نافع { مَدخلاً } بفتح الميم على أنه اسم مكان من دَخل المجردِ لأن الإدخال يقتضي الدخول . وقرأ الباقون بضم الميم جرياً على فعل { ليُدخلنّهم } المزيد وهو أيضاً اسم مكان للإدخال .