تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{كَمۡ تَرَكُواْ مِن جَنَّـٰتٖ وَعُيُونٖ} (25)

فلما تكامل قوم موسى خارجين منه وقوم فرعون داخلين فيه أمره الله تعالى أن يلتطم عليهم فغرقوا عن آخرهم وتركوا ما متعوا به من الحياة الدنيا وأورثه الله بني إسرائيل الذين كانوا مستعبدين لهم ولهذا قال : { كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا }

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{كَمۡ تَرَكُواْ مِن جَنَّـٰتٖ وَعُيُونٖ} (25)

ثم قال تعالى : { كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ } وهي البساتين { وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ } والمراد بها الأنهار والآبار ، { وَمَقَامٍ كَرِيمٍ } وهي المساكن الكريمة الأنيقة والأماكن الحسنة .

وقال مجاهد ، وسعيد بن جبير : { وَمَقَامٍ كَرِيمٍ } المنابر .

وقال ابن لَهِيعة ، عن وهب{[26212]} بن عبد الله المعافري ، عن عبد الله بن عمرو قال : نيل مصر سيد الأنهار ، سخر الله له كل نهر بين المشرق والمغرب ، وذلَّلَهُ له ، فإذا أراد الله أن يجري نيل مصر أمر كل نهر أن يمده ، فأمدته الأنهار بمائها ، وفجر الله له الأرض عيونًا ، فإذا انتهى جريه إلى ما أراد الله ، أوحى الله إلى كل ماء أن يرجع إلى عنصره .

وقال في قوله تعالى : { كَمْ تَرَكُوا{[26213]} مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ . وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ . وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ } قال : ، كانت الجنان بحافتي هذا النيل من أوله إلى آخره في الشقين جميعًا ، ما بين أسوان إلى رشيد ، وكان له تسعة{[26214]} خلج : خليج الإسكندرية ، وخليج دمياط ، وخليج سردوس ، وخليج منف ، وخليج الفيوم ، وخليج المنهى ، متصلة لا ينقطع منها شيء عن شيء ، وزروع ما بين الجبلين كله من أول مصر إلى آخر ما يبلغه الماء ، وكانت جميع أرض مصر تروى من ستة عشر ذراعًا ، لما قدروا ودبروا من قناطرها وجسورها وخلجها .


[26212]:- (8) في م: "ولهب".
[26213]:- (1) في ت، م: "فأخرجناهم" وهو خطأ ولعل الناسخ أراد الآية: 75 من سورة الشعراء.
[26214]:- (2) في ت، م: "تسع".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{كَمۡ تَرَكُواْ مِن جَنَّـٰتٖ وَعُيُونٖ} (25)

القول في تأويل قوله تعالى : { كَمْ تَرَكُواْ مِن جَنّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُواْ فِيهَا فَاكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ } .

يقول تعالى ذكره : كم ترك فرعون وقومه من القبط بعد مهلكهم وتغريق الله إياهم من بساتين وأشجار ، وهي الجنات ، وعيون ، يعني : ومنابع ما كان ينفجر في جنانهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{كَمۡ تَرَكُواْ مِن جَنَّـٰتٖ وَعُيُونٖ} (25)

وقوله : { كم تركوا } الآية ، قبله محذوف تقديره : فغرقوا وقطع الله دابرهم ، ثم أخذ يعجب من كثرة ما تركوا من الأمور الرفيعة الغبيطة في الدنيا ، و : { كم } خبر للتكثير . والجنات والعيون : روي أنها كانت متصلة ضفتي النيل جميعاً من رشيد إلى أسوان . وأما العيون فيحتمل أنه أراد الخلجان الخارجة من النيل فشبهها بالعيون ، ويحتمل أنه كانت ثم عيون ونضبت كما يعتري في كثير من بقاع الأرض .