تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَسۡتَعۡجِلُونَكَ بِٱلۡعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةُۢ بِٱلۡكَٰفِرِينَ} (54)

هذا ، وإن لم ينزل عليهم العذاب الدنيوي ، فإن أمامهم العذاب الأخروي ، الذي لا يخلص منهم أحد منه ، سواء عوجل بعذاب الدنيا أو أمهل . { وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ } ليس لهم عنها معدل ولا متصرف ، قد أحاطت بهم من كل جانب ، كما أحاطت بهم ذنوبهم وسيئاتهم وكفرهم ، وذلك العذاب ، هو العذاب الشديد .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَسۡتَعۡجِلُونَكَ بِٱلۡعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةُۢ بِٱلۡكَٰفِرِينَ} (54)

46

وبعد الوعيد بعذاب الدنيا الذي يأتيهم بغتة وهم لا يشعرون ، جعل يكرر استنكاره لاستعجالهم بالعذاب ، وجهنم لهم بالمرصاد :

( يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين ) . .

وعلى طريقة القرآن في التصوير ، وفي استحضار المستقبل كأنه مشهود ، صور لهم جهنم محيطة بالكافرين . وذلك بالقياس إليهم مستقبل مستور ؛ ولكنه بالقياس إلى الواقع المكشوف لعلم الله حاضر مشهود . وتصويره على حقيقته المستورة يوقع في الحس رهبة ، ويزيد استعجالهم بالعذاب نكارة . فأنى يستعجل من تحيط به جهنم ، وتهم أن تطبق عليه وهو غافل مخدوع ? !

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يَسۡتَعۡجِلُونَكَ بِٱلۡعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةُۢ بِٱلۡكَٰفِرِينَ} (54)

ثم توعدهم تبارك وتعالى بعد عذاب الآخرة في قوله { يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين } ، كرر فعلهم وقبحه ، أخبر أن وراءهم إحاطة جهنم بهم وقال عكرمة فيما حكى الطبري إن { جهنم } ها هنا أراد بها البحر .

قال الفقيه الإمام القاضي : وهذا ضعيف .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{يَسۡتَعۡجِلُونَكَ بِٱلۡعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةُۢ بِٱلۡكَٰفِرِينَ} (54)

وإذ قد كان الله أعد لهم عذاباً أعظم من عذاب يوم بدر وهو عذاب جهنم الذي يعم جميعهم أعقب إنذارهم بعذاب يوم بدر بإنذارهم بالعذاب الأعظم . وأعيد لأجله ذكر استعجالهم بالعذاب معترضاً بين المتعاطفين إيماء إلى أن ذلك جواب استعجالهم فإنهم استعجلوا العذاب فأُنذروا بعذابين ، أحدهما أعجل من الآخر . وفي إعادة : { يستعجلونك بالعذاب } تهديد وإنذار بأخذهم ، فجملة : { وإن جهنم } معطوفة على جملة : { وليأتينهم بغتة } فهما عذابان كما هو مقتضى ظاهر العطف .

والإحاطة كناية عن عدم إفلاتهم منها .

والمراد { بالكافرين } المستعجلون ، واستُحضروا بوصف الكافرين للدلالة على أنه موجب إحاطة العذاب بهم . واستعمل اسم الفاعل في الإحاطة المستقبلة مع أن شأن اسم الفاعل أن يفيد الاتصاف في زمن الحال ، تنزيلاً للمستقبل منزلة زمان الحال تنبيهاً على تحقيق وقوعه لصدوره عمن لا خلاف في إخباره .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{يَسۡتَعۡجِلُونَكَ بِٱلۡعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةُۢ بِٱلۡكَٰفِرِينَ} (54)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: يستعجلكَ يا محمد هؤلاء المشركون بمجيء العذاب ونزوله بهم، والنار بهم محيطة لم يبق إلاّ أن يدخلوها.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

يحتمل قوله: {وإن جهنم} أي عذاب جهنم محيط يومئذ بالكافرين. وجائز أن يكون {يستعجلونك بالعذاب} أن أعمال أهل جهنم وأسبابها التي توجب لهم جهنم محيطة بهم كقوله: {فما أصبرهم على النار} [البقرة: 175] الأعمال والأسباب التي توجب لهم النار، وإلا لا أحد يصبر على النار. فعلى ذلك جائز أن يكون قوله: {وإن جهنم لمحيطة بالكافرين} أسباب جهنم وأعمالهم التي توجب لهم جهنم والنار محيطة بهم.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

ثم توعدهم تبارك وتعالى بعد عذاب الآخرة في قوله {يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين}، كرر فعلهم وقبحه، أخبر أن وراءهم إحاطة جهنم بهم.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ثم زاد في التعجب من جهلهم بقوله مبدلاً: {يستعجلونك بالعذاب} أي يطلبون منك إيقاعه بهم ناجزاً ولو كان في غير وقته الأليق به، فلو علموا ما هم سائرون إليه لتمنوا أنهم لم يخلقوا فضلاً عن أن يستعجلوا، ولأعملوا جميع جهدهم في الخلاص منه. ولما كان دخولهم النار لا بد منه لإحاطة القدرة بهم، قال مؤكداً لإنكارهم الآخرة بإثبات أخص منها: {وإن جهنم} التي هي من عذاب الآخرة {لمحيطة} أي بما هي مهيأة له، لأنه لا يفوتها شيء منه، لأن الذي أعدها عليم قدير، وقال: {بالكافرين} موضع "بهم "تنبيهاً على ما استحقوا به عذابها، وتعميماً لكل من اتصف به...

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود 982 هـ :

... إنَّما جيء بالجملةِ الاسميةِ دلالةً على تحقُّقِ الإحاطةِ واستمرارِها أو تنزيلاً لحالِ السَّببِ منزلةَ حالِ المسبَّبِ فإنَّ الكفرَ والمعاصيَ الموجبةَ لدخولِ جهنَّم محيطةٌ بهم.

وقيل: إنَّ الكفرَ والمعاصيَ هي النَّار في الحقيقةِ لكنَّها ظهرتْ في هذهِ النَّشأةِ بهذه الصُّورةِ...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وبعد الوعيد بعذاب الدنيا الذي يأتيهم بغتة وهم لا يشعرون، جعل يكرر استنكاره لاستعجالهم بالعذاب، وجهنم لهم بالمرصاد: (يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين).. وعلى طريقة القرآن في التصوير، وفي استحضار المستقبل كأنه مشهود، صور لهم جهنم محيطة بالكافرين. وذلك بالقياس إليهم مستقبل مستور؛ ولكنه بالقياس إلى الواقع المكشوف لعلم الله حاضر مشهود. وتصويره على حقيقته المستورة يوقع في الحس رهبة، ويزيد استعجالهم بالعذاب نكارة، فأنى يستعجل من تحيط به جهنم، وتهم أن تطبق عليه وهو غافل مخدوع؟!...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

... استعجلوا العذاب فأُنذروا بعذابين، أحدهما أعجل من الآخر. وفي إعادة: {يستعجلونك بالعذاب} تهديد وإنذار بأخذهم، فجملة: {وإن جهنم} معطوفة على جملة: {وليأتينهم بغتة} فهما عذابان كما هو مقتضى ظاهر العطف. والإحاطة كناية عن عدم إفلاتهم منها. والمراد {بالكافرين} المستعجلون، واستُحضروا بوصف الكافرين للدلالة على أنه موجب إحاطة العذاب بهم...

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

... العذاب يتناسب وقدرة المعذب قوة وضعفا، وإحاطة وشمولا، فإذا كان المعذب هو الله – عز وجل – فعذابه لا يعذبه أحد من العالمين. ومعنى {لمحيطة بالكافرين} الإحاطة أن تشمل الشيء من جميع جهاته، فالجهات أربع: شمال وجنوب وشرق وغرب، وبين الجهات الأصلية جهات فرعية، وبين الجهات الفرعية أيضا جهات فرعية، والإحاطة هي التي تشمل كل هذه الجهات. ومن ذلك قوله تعالى: {إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها} [الكهف 29] يعني: من كل جهاتهم...

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

ويوجد تفسير آخر أكثر دقّةً لهذه الآية، وهو أنّ جهنم محيطة، الآن فعلا بالكافرين، من جهتين بالمعنى الواقعي للكلمة. الجهة الأولى: إنّها جهنم الدنيا، إذ هم على أثر شركهم وتلوثهم بالذنب يحترقون بجهنم التي أعدّوها لأنفسهم، جهنم الحرب وسفك الدماء، جهنم النزاع والشقاق والاختلافات، جهنم القلق والفزع، جهنم الظلم، وجهنم الهوى والهوس والعناد. والجهة الثّانية: طبقاً لظاهر الآيات في القرآن فإنّ جهنم موجودة فعلا، وكما تقدم سابقاً فإنّ جهنّم موجودة في باطن الدنيا، وبهذا فهي محيطة بهم على نحو الحقيقة...

.