فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يَسۡتَعۡجِلُونَكَ بِٱلۡعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةُۢ بِٱلۡكَٰفِرِينَ} (54)

{ يستعجلونك بالعذاب } أي يطلبون منك تعجيل عذابهم في الدنيا ، ذكر هذا للتعجب لأن من توعد بأمر فيه ضرر يسير كلطمة أو لكمة ، قد يرى من نفسه الجلد ويقول : باسم الله هات وأما من توعد بإغراق أو إحراق ويقطع بأن المتوعد قادر لا يخلف الميعاد ، فلا يخطر بباله أن يقول هات ما توعدتني به فقوله ويستعجلونك بالعذاب أولا إخبار عنهم ، وقوله ثانيا : يستعجلونك بالعذاب تعجب منهم وقيل : التكرير للتأكيد .

{ وإن جهنم لمحيطة بالكافرين } أي : والحال أن مكان العذاب محيط بهم أي سيحيط بهم عن قرب ، فإن ما هو آت قريب فعبر عن الاستقبال بالحال للدلالة على التحقق والمبالغة أو يراد بجهنم أسبابها الموصلة إليها فلا تأويل في قوله : محيطة ، والأول أظهر ، والمراد بالكافرين جنسهم ، فيدخل فيه هؤلاء المستعجلون دخولا أوليا ، والمعنى أن جهنم جامعة لهم لا يبقى منهم أحد إلا دخلها .

قال ابن عباس : جهنم هو هذا البحر الأخضر تنتثر الكواكب فيه ، وتكون فيه الشمس والقمر ، ثم يستوقد فيكون هو جهنم ، وفي هذا نكارة شديدة ! فإن الأحاديث الكثيرة الصحيحة ناطقة بأن جهنم موجودة مخلوقة على الصفات التي ورد بها الكتاب والسنة ، ثم ذكر سبحانه كيفية إحاطة العذاب بهم فقال :