تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالَ إِنَّمَا يَأۡتِيكُم بِهِ ٱللَّهُ إِن شَآءَ وَمَآ أَنتُم بِمُعۡجِزِينَ} (33)

فلما رأوه ، لا ينكف عما كان عليه من دعوتهم ، ولم يدركوا منه مطلوبهم { قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا } من العذاب { إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ } فما أجهلهم وأضلهم ، حيث قالوا هذه المقالة ، لنبيهم الناصح .

فهلا قالوا : إن كانوا صادقين : يا نوح قد نصحتنا ، وأشفقت علينا ، ودعوتنا إلى أمر ، لم يتبين لنا ، فنريد منك أن تبينه لنا لننقاد لك ، وإلا فأنت مشكور في نصحك . لكان هذا الجواب المنصف ، الذي قد دعي إلى أمر خفي عليه ، ولكنهم في قولهم ، كاذبون ، وعلى نبيهم متجرئون . ولم يردوا ما قاله بأدنى شبهة ، فضلا عن أن يردوه بحجة .

ولهذا عدلوا - من جهلهم وظلمهم - إلى الاستعجال بالعذاب ، وتعجيز الله ، ولهذا أجابهم نوح عليه السلام بقوله : { إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شَاءَ } أي : إن اقتضت مشيئته وحكمته ، أن ينزله بكم ، فعل ذلك . { وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ } لله ، وأنا ليس بيدي من الأمر شيء .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالَ إِنَّمَا يَأۡتِيكُم بِهِ ٱللَّهُ إِن شَآءَ وَمَآ أَنتُم بِمُعۡجِزِينَ} (33)

25

أما نوح فلا يخرجه هذا التكذيب والتحدي عن سمت النبي الكريم ، ولا يقعده عن بيان الحق لهم ، وإرشادهم إلى الحقيقة التي غفلوا عنها وجهلوها في طلبهم منه أن يأتيهم بما أوعدهم ، وردهم إلى هذه الحقيقة وهي أنه ليس سوى رسول ، وليس عليه إلا البلاغ ، أما العذاب فمن أمر الله ، وهو الذي يدبر الأمر كله ، ويقدر المصلحة في تعجيل العذاب أو تأجيله ، وسنته هي التي تنفذ . . وما يملك هو أن يردها أو يحولها . . إنه رسول . وعليه أن يكشف عن الحق حتى اللحظة الأخيرة ، فلا يقعده عن إبلاغه وبيانه أن القوم يكذبونه ويتحدونه :

( قال : إنما يأتيكم به الله إن شاء ، وما أنتم بمعجزين ) .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالَ إِنَّمَا يَأۡتِيكُم بِهِ ٱللَّهُ إِن شَآءَ وَمَآ أَنتُم بِمُعۡجِزِينَ} (33)

المعنى : ليس ذلك بيدي ولا إليَّ توفيته ، وإنما ذلك بيد الله وهو الآتي به إن شاء وإذا شاء ، ولستم من المنعة بحال من يفلت أو يعصتم بمنج ، وإنما في قبضة القدرة وتحت ذلة المتملك .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَالَ إِنَّمَا يَأۡتِيكُم بِهِ ٱللَّهُ إِن شَآءَ وَمَآ أَنتُم بِمُعۡجِزِينَ} (33)

القصر في قوله : { إنما يأتيكم به الله إن شاء } قصر قلب بناء على ظاهر طلبهم ، حملاً لكلامهم على ظاهره على طريقة مجاراة الخصم في المناظرة ، وإلاّ فإنهم جازمون بتعذّر أن يأتيهم بما وعدهم لأنهم يحسبونه كاذباً وهم جازمون بأنّ الله لم يتوعدهم ، ولعلّهم كانوا لا يؤمنون بوجود الله . وقوله : { إن شاء } احتراس راجع إلى حمل العذاب على عذاب الدنيا .

ومعنى { وما أنتم بمعجزين } ما أنتم بناجين وفالتين من الوعيد ، يريد أن العذاب واقع لا محالة . ولعل نوحاً عليه السّلام لم يكن له وحي من الله بأن يحلّ بهم عذاب الدنيا ، فلذلك فوّضه إلى المشيئة ؛ أو لعلّه كان يوقن بنزوله بهم فيكون التعليق ب { إن شاء } منظوراً فيه إلى كون العذاب معجلاً أو مؤخراً .