تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمَن يَكۡسِبۡ إِثۡمٗا فَإِنَّمَا يَكۡسِبُهُۥ عَلَىٰ نَفۡسِهِۦۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمٗا} (111)

ثم قال : { وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ } وهذا يشمل كل ما يؤثم من صغير وكبير ، فمن كسب سيئة فإن عقوبتها الدنيوية والأخروية على نفسه ، لا تتعداها إلى غيرها ، كما قال تعالى : { وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى } لكن إذا ظهرت السيئات فلم تنكر عمت عقوبتها وشمل إثمها ، فلا تخرج أيضا عن حكم هذه الآية الكريمة ، لأن من ترك الإنكار الواجب فقد كسب سيئة .

وفي هذا بيان عدل الله وحكمته ، أنه لا يعاقب أحدا بذنب أحد ، ولا يعاقب أحدا أكثر من العقوبة الناشئة عن ذنبه ، ولهذا قال : { وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا } أي : له العلم الكامل والحكمة التامة .

ومن علمه وحكمته أنه يعلم الذنب وما صدر منه ، والسبب الداعي لفعله ، والعقوبة المترتبة على فعله ، ويعلم حالة المذنب ، أنه إن صدر منه الذنب بغلبة دواعي نفسه الأمارة بالسوء مع إنابته إلى ربه في كثير من أوقاته ، أنه سيغفر له ويوفقه للتوبة .

وإن صدر منه بتجرئه على المحارم استخفافا بنظر ربه ، وتهاونا بعقابه ، فإن هذا بعيد من المغفرة بعيد من التوفيق للتوبة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَن يَكۡسِبۡ إِثۡمٗا فَإِنَّمَا يَكۡسِبُهُۥ عَلَىٰ نَفۡسِهِۦۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمٗا} (111)

105

والآية الثانية تقرر فردية التبعة . وهي القاعدة التي يقوم عليها التصور الإسلامي في الجزاء ، والتي تثير في كل قلب شعور الخوف وشعور الطمأنينة . الخوف من عمله وكسبه . والطمأنينة من أن لا يحمل تبعة غيره .

( ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه . وكان الله عليما حكيمًا . . )

ليست هناك خطيئة موروثة في الإسلام ، كالتي تتحدث عنها تصورات الكنيسة . كما أنه ليست هناك كفارة غير الكفارة التي تؤديها النفس عن نفسها . . وعندئذ تنطلق كل نفس حذرة مما تكسب . مطمئنة إلى أنها لا تحاسب إلا على ما تكسب . . توازن عجيب ، في هذا التصور الفريد . هو إحدى خصائص التصور الإسلامي وأحد مقوماته ، التي تطمئن الفطرة ، وتحقق العدل الإلهي المطلق ؛ المطلوب أن يحاكيه بنو الإنسان .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَمَن يَكۡسِبۡ إِثۡمٗا فَإِنَّمَا يَكۡسِبُهُۥ عَلَىٰ نَفۡسِهِۦۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمٗا} (111)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ وَمَن يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنّمَا يَكْسِبُهُ عَلَىَ نَفْسِهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً } . .

يعني بذلك جلّ ثناؤه : ومن يأت ذنبا على عمد منه له ومعرفة به ، فإنما يجترح وبال ذلك الذنب وضرّه وخزيه وعاره على نفسه دون غيره من سائر خلق الله ، يقول : فلا تجادلوا أيها الذين تجادلون عن هؤلاء الخونة ، فانكم وإن كنتم لهم عشيرة وقرابة وجيرانا برآء مما أتوه من الذنب ومن التبعة التي يُتْبَعون بها ، فإنكم متى دافعتم عنهم أو خاصمتم بسببهم كنتم مثلهم ، فلا تدافعوا عنهم ، ولا تخاصموا .

وأما قوله : { وكانَ اللّهُ عَلِيما حَكِيما } فإنه يعني : وكان الله عالما بما تفعلون أيها المجادلون عن الذين يختانون أنفسهم في جدالكم عنهم وغير ذلك من أفعالكم وأفعال غيركم ، وهو يحصيها عليكم وعليهم ، حتى يجازي جميعكم بها . { حَكِيما } يقول : وهو حكيم بسياستكم وتدبيركم ، وتدبير جميع خلقه . وقيل : نزلت هذه الاَية في بني أبيرق ، وقد ذكرنا من قال ذلك فيما مضى قبل .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَمَن يَكۡسِبۡ إِثۡمٗا فَإِنَّمَا يَكۡسِبُهُۥ عَلَىٰ نَفۡسِهِۦۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمٗا} (111)

تقدم القول في معنى «الكسب » ، «والإثم » الحكم اللاحق عن المعصية ، ونسبة المرء إلى العقوبة فيها ، وقوله : { فإنما يكسبه على نفسه } أي إياها يردي وبها يحل المكروه .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَمَن يَكۡسِبۡ إِثۡمٗا فَإِنَّمَا يَكۡسِبُهُۥ عَلَىٰ نَفۡسِهِۦۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمٗا} (111)

ذكر الخطيئة والإثمِ هنا يدلّ على أنّهما متغايران ، فالمراد بالخطيئة المعصية الصغيرة ، والمراد بالإثم الكبيرة .