تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ} (3)

فأخبرهم وأمرهم بزبدة ما يأمرهم به{[1238]}  فقال : { أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ } وذلك بإفراده تعالى بالتوحيد والعبادة ، والبعد عن الشرك وطرقه ووسائله .


[1238]:- في ب: وأمرهم بأصل ذلك.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ} (3)

وما يدعو إليه بسيط واضح مستقيم : ( أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون ) . . عبادة لله وحده بلا شريك . وتقوى لله تهيمن على الشعور والسلوك . وطاعة لرسوله تجعل أمره هو المصدر الذي يستمدون منه نظام الحياة وقواعد السلوك .

وفي هذه الخطوط العريضة تتلخص الديانة السماوية على الإطلاق . ثم تفترق بعد ذلك في التفصيل والتفريغ . وفي مدى التصور وضخامته وعمقه وسعته وشموله وتناوله للجوانب المختلفة للوجود كله ، وللوجود الإنساني في التفصيل والتفريع .

وعبادة الله وحدة منهج كامل للحياة ، يشمل تصور الإنسان لحقيقة الألوهية وحقيقة العبودية ؛ ولحقيقة الصلة بين الخلق والخالق ، ولحقيقة القوى والقيم في الكون وفي حياة الناس . . ومن ثم ينبثق نظام للحياة البشرية قائم على ذلك التصور ، فيقوم منهج للحياة خاص . منهج رباني مرجعه إلى حقيقة الصلة بين العبودية والألوهية ، وإلى القيم التي يقررها الله للأحياء والأشياء .

وتقوى الله . . هي الضمانة الحقيقية لاستقامة الناس على ذلك المنهج ، وعدم التلفت عنه هنا أو هناك ، وعدم الاحتيال عليه أو الالتواء في تنفيذه . كما أنها هي مبعث الخلق الفاضل المنظور فيه إلى الله ، بلا رياء ولا تظاهر ولا مماراة .

وطاعة الرسول . . هي الوسيلة للاستقامة على الطريق ، وتلقي الهدى من مصدره المتصل بالمصدر الأول للخلق والهداية ، وبقاء الاتصال بالسماء عن طريق محطة الاستقبال المباشرة السليمة المضمونة !

فهذه الخطوط العريضة التي دعا نوح إليها قومه في فجر البشرية هي خلاصة دعوة الله في كل جيل بعده ، وقد وعدهم عليها ما وعد الله به التائبين الثائبين :