القول في تأويل قوله تعالى : { قَالُوَاْ إِنّا كُنّا قَبْلُ فِيَ أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنّ اللّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السّمُومِ * إِنّا كُنّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنّهُ هُوَ الْبَرّ الرّحِيمُ } .
يقول تعالى ذكره : قال بعضهم لبعض : إنا أيها القوم كنا في أهلنا في الدنيا مُشفقين خائفين من عذاب الله وجلين أن يعذّبنا ربنا اليوم فَمَنّ اللّهُ عَلَيْنا بفضله وَوَقانا عَذَابَ السّمُومِ يعني : عذاب النار ، يعني فنجّانا من النار ، وأدخلنا الجنة . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : عَذَابَ السّمُومِ قال : عذاب النار .
وجملة { قالوا } بيان لجملة { يتساءلون } على حد قوله تعالى : { فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى } [ طه : 120 ] ضمير { قالوا } عائد إلى البعضين ، أي يقول كل فريق من المتسائلين للفريق الآخر هذه المقالة .
والإِشفاق : توقع المكروه وهو ضد الرجاء ، وهذا التوقع متفاوت عند المتسائلين بحسب تفاوت ما يوجبه من التقصير في أداء حق التكليف ، أو من العصيان . ولذلك فهو أقوى في جانب ذريات المؤمنين الذين أُلحقوا بأصولهم بدون استحقاق . ولعله في جانب الذريات أظهر في معنى الشكر لأن أصولهم من أهلهم فهم يعلمون أن ذرياتهم كانوا مشفقين من عقاب الله تعالى أو بمنزلة من يعلم ذلك من مشاهدة سَيرهم في الوفاء بحقوق التكليف ، وكذلك أصولهم بالنسبة إلى من يعلم حالهم من أصحابهم أو يسمع منهم إشفاقهم واستغفارهم . وحذف متعلق { مشفقين } لأنه دل عليه { ووقانا عذاب السموم } .
وعلى هذا الوجه يكون معنى ( في ) الظرفية . ويتعلق { في أهلنا } ب { كنا } ، أي حين كنا في ناسنا في الدنيا . ف { أهلنا } هنا بمعنى آلنَا .
ويجوز أن تكون المقالة صادرة من الذين آمنوا يخاطبون ذرياتهم الذين ألحقوا بهم ولم يكونوا يحسبون أنهم سيلحقون بهم : فالمعنى : إنا كنا قبل مشفقين عليكم ، فتكون ( في ) للظرفية المجازية المفيدة للتعليل ، أي مشفقين لأجلكم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.