{ إنما أمره } إنما شأنه . { إذا أراد شيئا أن يقول له كن } أي تكون . { فيكون } فهو يكون أي يحدث ، وهو تمثيل لتأثير قدرته في مراده بأمر المطاع للمطيع في حصول المأمور من غير امتناع وتوقف وافتقار إلى مزاولة عمل واستعمال آلة قطعا لمادة الشبهة ، وهو قياس قدرة الله تعالى على قدرة الخلق ، ونصبه ابن عامر والكسائي عطفا على { يقول } .
ورفع «يكونُ » على معنى فهو يكون ، وهي قراءة الجمهور وقرأ ابن عامر والكسائي «فيكونَ » بالنصب ، قال أبو علي : لا ينصب الكسائي إذا لم تتقدم «أن » وينصب ابن عامر وإن لم تتقدم «أن » ، والنصب ها هنا قراءة ابن محيصن وقول تعالى : { كن } أمر للشيء المخترع عند تعلق القدرة به لا قبل ذلك ولا بعده ، وإنما يؤمر تأكيداً للقدرة وإشارة بها{[2]} ، وهذا أمر دون حروف ولا أصوات بل من كلامه القائم بذاته لا رب سواه .
هذه فذلكة الاستدلال ، وفصل المقال ، فلذلك فصلت عما قبلها كما تفصل جملة النتيجة عن جملتي القياس ، فقد نتج مما تقدم أنه تعالى إذا أراد شيئاً تعلّقت قدرتُه بإيجاده بالأمر التكويني المعبر عن تقريبه ب { كُن } وهو أخصر كلمة تعبر عن الأمر بالكون ، أي الاتصاف بالوجود .
والأمر في قوله : { إنَّما أمرُهُ } بمعنى الشأن لأنه المناسب لإِنكارهم قدرته على إحياء الرميم ، أي لا شأن لله في وقت إرادته تكوين كائن إلا تقديره بأن يوجده ، فعبر عن ذلك التقدير الذي ينطاع له المقدور بقول : { كُن } ليعلم أن لا يباشر صنعه بيد ولا بآلة ولا بعَجن مادة مَا يخلق منه كما يفعل الصنّاع والمهندسون ، لأن المشركين نشأ لهم توّهم استحالة المعاد من انعدام المواد فضلاً عن إعدادها وتصويرها ، فالقصر إضافي لقلب اعتقادهم أنه يحتاج إلى جمْع مادة وتكييفها ومُضيّ مدة لإِتمامها .
و { إذا } ظرف زمان في موضع نصب على المفعول فيه ، أي حين إرادته شيئاً .
وقرأ الجمهور { فَيَكُونُ } مرفوعاً على تقدير : أن يقولَ له كن فهو يكون . وقرأه ابن عامر والكسائي بالنصب عطفاً على { يَقُولَ } المنصوب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.